للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالليل، وقد ذهب إلى هذا مالك والشافعي، وأطلقه الإمام المهدي في "البحر" لمذهب الهدوية، وحجتهم الحديث والآية الكريمة في قصة داود كذلك، وإن كان الاحتجاج بها مبنيًّا على أن شرع من قبلنا يلزمنا.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا ضمان على أهل الماشية مطلقًا، وحجتهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "العجماء جرحها جبار" (١). قال الطحاوي: إلا أن تحقيق مذهب أبي حنيفة، أنه لا ضمان إذا أرسلها مع حافظ، وأما إذا أرسلها من دون حافظ ضمن، وهذا التقييد خارج عن الدليل، وكذلك أصحاب مالك يقيدون قولهم بأنها إذا سرحت الدواب في مسارحها المعتادة للرعي، وأما إذا كانت في أرض مزروعة لا مسرح فيها، فهم يُضَمِّنون ليلًا ونهارًا.

وذهب بعضهم إلى أنه يضمن مالكها ما أفسدت ليلًا ونهارًا، قال: لأنه متعدٍّ بإرسالها، والأصول قاضية بأن المتعدي ضامن، وقد ذهب إلى هذا الليث، إلا أنه قال: لا يضمن أكثر من قيمة الماشية.

وقول رابع: أنه لا يضمن ما أتلفت مما لا يقدر على حفظه، ويضمن ما أمكنه حفظه. وهو مروي عن عمر رضي الله عنه، وجعل الإمام يحيى الحكم منوطًا باعتياد الحفظ، فإن كان يعتاد الحفظ في النهار والإرسال في الليل انعكس الحكم، وضمن جنايتها نهارًا لا ليلًا، وهو مصادم لحديث ناقة البراء، ولحديث: "العجماء جرحها جبار". وللآية الكريمة، ولعله يقول: إن الحديثين مقيد إطلاقهما بالمعنى المناسب. ثم قال الإمام المهدي بعد ذلك: مسألة: ويضمن الراعي ما أكلت الغنم في مرعاها إذ عليه حفظها، فإن أبعدها


(١) تقدم ح ٤٧٢.