للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

"فتراه مُنتبراً"؛ أي: منتفخاً مرتفعاً، من: النَّبر، الرَّفع، وهذا أقلُّ من الأول؛ لأنه شبه الأمانة في هذا المجوف، بخلاف الأول، ذكر الضمير على إرادة الموضع المدحرج عليه الجمر.

"وليس فيه شيء"؛ أي: شيءٌ صالحٌ، بل ماءٌ فاسدٌ، كذلك هذا الرجل يحسبه الناسُ صالحاً ولا يكون فيه من الصلاح والإيمان؛ يعني: أن الأمانةَ تُقبَض وتُرفَع عن القلوب شيئاً فشيئاً؛ عقوبةً لأصحابها على ما اكتسبوا من الذنوب، حتى إن الرجل إذا استيقظ من منامه لا يجد قلبه على ما كان عليه؛ لأنه أولاً لا يبقى في قلبه من الأمانة أثرٌ إلا أثر الوَكت، وثانياً مثلَ أثر المَجل، أراد به: خلو القلب عنها مع أثر أثرها.

"ويصبح الناس يتبايعون"؛ أي: يجرى بينهم البيع.

"ولا يكاد أحد يؤدِّي الأمانة"؛ أي: لا يَقرُب يؤدِّيها في المعاملات؛ لأن حفظَ الأمانةِ من أثر كمال الإيمان، فإذا أُنقص الإيمان نقصت الأمانة؛ يعني: لا يبقى مَن يحفظ الأمانةَ إلا قليل، حتى يكون في ناحية واحدٌ.

"فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجل: ما أعقلَه! وما أظرفَه! وما أَجلدَه! " (ما) في الثلاثة: للتعجب؛ يعني: يُمدَح أهلُ ذلك الزمان بكثرة العقل والظرافة والجلادة، لا بكثرة الصلاح.

"وما"؛ الواو: للحال، و (ما): للنفي؛ أي: والحال أنه ليس "في قلبه مثقالُ حبةٍ من خردلٍ من إيمانٍ".

* * *

٤١٤٤ - وعن حُذَيْفةَ قال: كانَ النَّاسُ يَسألونَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عنِ الخَيْرِ، وكُنْتُ أسأُلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخافةَ أنْ يُدرِكَني، فقُلْتُ: يا رسولَ الله! إنَّا كُنَّا في

<<  <  ج: ص:  >  >>