للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقال عليه: لا بُعد في أن تكون صلاة الصبح أفضلَ من حجة مبرورة. وقد قَدَّم هو أنه لا بدعَ في أن الله تعالى يثيب على العمل اليسير أكثر مما يثيب على العمل الكثير، وأطال الكلام في ذلك في الفصول السابقة (١).

وأما قوله: (فإن قُدِّمت الصلاة عليهما، كان مخالفًا لظاهر الحديث):


(١) مثل قوله في قواعد الأحكام ١: ٤٤ (وليس ببعيد من تفضل الرّبّ سبحانه أن يَأجُر على أقل العملين المتجانسين أكثر مما يَأجُر على أكثرهما، كما فَضَّل أجر هذه الأمة مع قلة عملها على أجر اليهود والنصارى مع كثرة عملهم، وكما فَضَّل أجر الفرائض على ما يساويها من النوافل ... ، وكما أن قيام ليلة القدر موجبٌ لغفران الذنوب مع مساواته لقيام كل ليلة من ليالي رمضان، وكذلك العملُ في ليلة القدر خيرٌ من العمل في ألف شهر مع التساوي ...).
ثم قال بعد قليل في ١: ٤٥ (ومما يدل أيضًا على أن الله قد يأجُر على قليل الأعمال أكثر مما يأجُر على كثيرها، ما روي عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (مثلكم ومثل أهل الكتابين كرجل استأجر أجراء فقال: من يعمل لي من غُدوةٍ إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود. ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى. ثم قال: من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم. فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: ما لنا أكثر عملًا وأقل عطاء؟! فقال: هل نَقَصتُكم من حقكم شيئًا؟ قالوا: لا. قال: فذلك فضلى أوتيه من أشاء) أخرجه البخاري.
ثم قال في ١: ٤٩ (فرُبّ عبادة خفيفة على اللسان، ثقيلة في الميزان؛ وعبادة ثقيلة على الإنسان خفيفة في الميزان، بدليل أن التوحيد خفيف على الجَنان واللسان، وهو أفضل ما أُعطيه الإنسان، ومَنّ به الرحمن، والتفوّه به أفضل من كل كلام ...).
وقال أيضًا في قواعد الأحكام ١: ٥٣ (وقد يكون قليلُ العمل البدني أفضلَ من كثيره، وخفيفُه أفضلَ من ثقيله، كتفضيل القصر على الإتمام، وكتفضيل صلاة الصبح مع نقص ركعاتها على سائر الصلوات عند من رآها: (الصلاة الوسطى) ... ، والله تعالى يؤتي فضله من يشاء. ولو كان الثواب على قدر النصَب مطلقا، لَمَا كان الأمر كذلك ... ، ولَمَا فضلت ركعتا الفجر على مثلها من الرواتب).

<<  <   >  >>