من مبلغ الأقوام أن مهلهلاً ... لله درّ كما ودرّ أبيكما
فقال أهل الحي: ما نرى في هذا البيت وصية. فقالت ابنته الصغرى، بلى وأنصاب وائل، فدونكم العبدين، فاستوثقوا منهما حتى أخبركم أن العبدين قتلا أبي، وإنما أراد:
من مبلغ الأقوام أن مهلهلاً ... أضحى قتيلاً بالفلاة مجدلا
لله دركما ودر أبيكما ... لا يبرح العبدان حتى يقتلا
ومن ذلك: أن شيخاً كان يقف على رأس الرشيد، فخلا المجلس يوماً، وذكر شاب من الهاشميين أمر الجماع فأكثروا. فقال الشيخ: كم تكثرون مما تصفون، عتقت ما ملكت، ونسائي طوالق، وعلي مئة حجة، إن برحت ركبتي من موضعهما حتى وطئت أربعين مرة. فغضب الرشيد وقال: لأعتقن عليك مماليكك، ولأطلقن نساءك، ولألزمنك الحج. فقال: يا أمير المؤمنين، لا تغضب، فوالله ما برحت ركبتي قط من موضعهما، أفتراني ما وطئت في طول عمري أربعين مرة؟ فضحك الرشيد وقال لله در المعاريض.
ومثله قول النبي، صلى الله عليه وسلم:"لا تستضيئوا بنار المشركين". يريد، صلى الله عليه وسلم: لا تستشيروهم، ولا تستعينوا بهم في مصالح دينكم. فأقام الرأي في الخبر مقام السراج في الظلمة.
وهذا كقول الله، عز وجل:{لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَالُونَكُمْ خَبَالاً}. والمعاريض كثيرة في كلامهم وأشعارهم.