للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شيء إليك، ولا تستحق بهذا العيب رداً، وحلف عليه - جاز، ولا يكلف أن يحلف أنه لم يبع، أو لم يقبض معيباً؛ لاحتمال أنه باعه معيباً، ولكن المشتري قد رضي به؛ فتكون يمينه جائزة؛ على أنه لا يلزمني تسليم شيء إليك.

فإذا حلف البائع أنه باعه، أو أقبضه بريئاً من العيب، ثم اختلف المتبايعان في الثمن - تحالفا وانفسخ البيع بينهما.

فلو قال البائع بعد الفسخ للمشتري: إني قد حلفت أني بعته بريئاً من العيب، فاغرم لي أرش العيب - ليس له ذلك؛ لأن كان في الدعوى الأولى مدعى عليه؛ فقبلنا قوله، والآن صار مدعياً فلا يقبل قوله، ولكن له تحليف المشتري على أنه لا يلزمه تسليم شيء إليه.

ولو اتفقا على أن العيب كان موجوداً يوم البيع، أو حدث قبل القبض؛ فقال البائع قد علمته ورضيت به، أو قال: أخرت الفسخ مع الإمكان، وأنكر المشتري - فالقول قول المشتري مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الرضا، وبقاء حق الرد.

فصل في بيع ما مأكوله في جوفه وفيه عيب

إذا اشترى شيئاً مأكوله في جوفه؛ مثل: الرمان، والبطيخ، والرانج، والجوز، واللوز، والبيض، فكسره؛ فوجده فاسداً - نظر:

إن لم يكن لفاسده المكسور قيمة؛ كالبيضة يجدها مذرة بعد ما كسرها، أو شواها - يسترد جميع الثمن، وكان البيع باطلاً؛ لوروده على ما لا قيمة له.

وإن كان لفاسده المكسور - قيمة؛ كالرانج، وبيض النعامة - يمكن الانتفاع بقشره بعد الكسر؛ وكالبطيخ يخرج حامضاً أو مُراً، أو يجد بعضه مُدوداً- نظر:

إن كسره كسراً لا يمكن معرفة فساد باطنه إلا به، بأن كسر الجوز، وقور البطيخ تقويراً صغيراً؛ فوجده حامضاً أو شقه فوده مُدوداً؛ فإنه لا يمن معرفته إلا بالشق، أو ثقب موضع العلامة من الرانج - فهل له الرد؟ فيه قولان:

أصحهما - وبه قال أبو حنيفة، واختاره المزني: لا رد له إلا برضا البائع؛ كما لو اشترى ثوباً فقطعه، ثم وجد به عيباً، بل يرجع بالأرش؛ وهو ما بين قيمته صحيحاً سليم اللب وفاسد اللب من الثمن.

والقول الثاني: له الرد؛ لأنه لا يتوصل إلى معرفة العيب إلا به؛ كما لو اشترى ثوباً؛ فنشره أو مُصراة؛ فحلبها، ثم علم بالعيب - له الرد.

فإن قلنا: له الرد، فهل يغرم أرش الكسر؟ فيه قولان.

<<  <  ج: ص:  >  >>