ويصح بلفظ القرض والسلف، وبما في معناه؛ بأن يقول: ملكتك هذا؛ على أن ترد عليَّ بدله.
فإن قال: ملكتك؛ ولم يذكر رد البدل، فهو هبة.
فإن اختلفا: فقال الدافع: أردت القرض.
وقال الآخذ: بل الهبة - فالقول قول الآخذ مع يمينه؛ لأن الظاهر منه الهبة.
ولا يثبت فيه خيار المكان، ولا خيار الشرط؛ لأن الخيار لإثبات الفسخ. وفي القرض يجوز لكل واحد منهما فسخه متى شاء، وهل يملك المستقرض بنفس القبض؟
فيه جوابان:
أصحهما: يملك؛ لأنه قبض يفيد التصرف؛ كما في الهبة.
والثاني: لا يملك إلا بالتصرف؛ لأنه ليس معاوضة، ولا تبرعاً محضاً؛ لأنه يجب عليه بدله، ولا يحكم له بالملك إلا بعد استقرار بدله عليه.
وإن تصرف بما يزيل الملك من بيع أو هبة أو إعتاق أو إتلاف - يحكم له بالملك قبل ذلك، فإن رهن أو أجر زوج، أو كانت حنطة؛ فطحنها، أو شاة، فذبحها - هل يحكم له بالملك؟
فيه وجهان:
أحدهما: يملك؛ لأنه تصرف تَصَرُّف الملاك.
والثاني: لا يملك؛ حتى يتصرف بما يزيل الملك.
فعلى هذا: إن كان قد زوج أو رهن أو أجر، لا تصح هذه العقود.
وفائدة الاختلاف في الملك: أنه لو أقرضه شيئاً؛ فقبل أن يتصرف فيه، تقاضاه المقرض - هل يجب عليه رد عينه؟
إن قلنا: يَملِكُ بنفس القبض، لا يجب رد عينه، بل له أن يؤدي بدله من موضع آخر.
وإن قلنا: لا يملك، يجب عليه رد عينه.
فإن أقرضه حيواناً؛ فإن قلنا: يملك بالقبض، فنفقته على المستقرض، وإن أقرضه أباه يعتق عليه.
فإن قلنا: لا يملك بالقبض ما لم يتصرف، فنفقته على المُقرض، ولا يعتق أبوه قبل التصرف فيه.
قلت: يحتمل أن يقال: يعتق، ويحكم له بالملك قبله؛ كما لو أنشأ إعتاق الأجنبي.
وكل ما جاز السلم فيه، جاز استقراضه.