تعالى مبناةٌ على الدرء والسقوط، وإن كانت من حقوق العباد كالقصاص، وحد القذف-: ففيه قولان:
أحدهما: يجوز؛ لأن مبنى حقوق العباد على اللزوم؛ كضمان المال.
والثاني: لا يجوز؛ لأن العقوبات مبناها على الدرء والسقوط كحدود الله تعالى، وليس كالمال؛ لأن ضمان المال جائز، فجاز التكفل ببدن من عليه المال، وضمان نفس العقوبة لا يجوز، فلا يجوز التكفل ببدن من عليه العقوبة، وكذلك: كل دين لا يجوز ضمانه؛ كنجوم الكتابة: لا تجوز الكفالة ببدن من عليه ذلك الدين، فإن جوزنا كفالة البدن-: فيجوز قبل ثبوت الحق وبعده، وتجوز الكفالة ببدن المريض، والغائب والمحبوس، وإذا تكفل ببدن إنسان، فمتى طالبه المكفول له بإحضاره-: يجب عليه إحضاره، فإن لم يفعل يحبس حتى يحضره، وعليه مؤنة الحبس، ويجب على المكفول ببدنه: أن يحضر معه إذا دعاه، ومؤنة الإحضار على الكفيل، فإن كان المكفول ببدنه غائباً- يكلف إحضاره، إذا لم تكن الغيبة منقطعة، بأن كان يعرف موضعه، ويمهل الكفيل قدر ذهابه ومجيئه، فلو لم يحضره حبس حتى يحضره.
وقيل: إذا كان غائباً إلى مسافة القصر-: لا يكلف إحضاره.
وإذا حضره قبل طلب المكفول له، وسلمه إليه-: خرج عن الكفالة، إذا لم يكن هناك حائل، فإن كان هناك حائل من سلطان أو غيره-: يمنعه؛ فلا يحصل التسليم، وإن كان في حبس الحاكم-: صح التسليم؛ لأن حبس الحاكم ليس بحائل؛ فإن إحضاره ومطالبته بما عليه ممكن.
ويجوز في الكفالة أن يعين مكان التسليم، فإذا لم يعين يجب التسليم في مكان الكفالة، فإذا عين مكان التسليم، فأتى به في غير ذلك المكان، فقبل-: جاز، فإن امتنع- نُظر: إن كان له في رده غرض بأن شرط تسليمه في مجلس الحكم، أو في داره، فأتى به في غيره، أو في بلد، فأتى به في بلد آخر-: لا يلزمه القبول؛ لأن عليه مؤنة إحضاره بلده، ومجلس الحكم، وإن لم يكن عليه ضرر في قبوله ولا في رده غرض-: يلزمه قبوله، فإن لم يقبل رفعه إلى الحاكم ليتسلم عنه كما في دين السلم. وإن لم يكن حاكم- أشهد شاهدين، أنه قد سلمه إليه ويبرأ، وإن كان المكفول ببدنه يجالس المكفول له-: لا يبرأ الكفيل؛ فإن قال: سلمت نفسي إليك من جهة الكفيل- يبرأ الكفيل؛ كما يبرأ الضامن إذا أدى المضمون عنه المال؛ وفرع عليه شيخي- رحمه الله- قال: لو ظفر المكفول له به في مجلس الحكم، وادعى عليه في تلك