واختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: تجوز كالمزارعة، ومنهم من قال: لا تجوز؛ لأن الأشجار أصول لا يتبع بعضها بعضاً؛ بخلاف البياض، فإنه ليس بأصل ينتفع به وحده؛ فكان تبعاً للأشجار، فحيث جوزنا المزارعة تبعاً للمساقاة: فلو كان في البياض زرع موجود يوم العقد: هل تجوز المزارعة عليه؟
فيه وجهان؛ بناءً على جواز المساقاة على الثمار الموجودة، وفيه قولان.
فصلٌ
ولا تصح المساقاة حتى يجعل للعامل جزءاً معلوماً من الثمار، فيقول: ساقيتك على أن لك نصف الثمرة، أو ثلثها؛ فإن قال: لك بعضها، أو جزء منها: لا يجوز؛ لأنه غير معلوم.
فإن قال: على أن الثمرة بيننا نصفان: صح، وتكون بينهما سواء، ولو قال: بيننا، ولم يزد عليه: فيه وجهان:
الأصح: لا يجوز؛ لأنه يحتمل المساواة، ويحتمل التفاوت.
ولو قال: على أن لك ثلث الثمرة، ولم يقل: الباقي لي: صح، وكان الباقي لرب الحائط.
ولو قال: على أن لي ثلث الثمرة فيه وجهان:
أحدهما: يجوز، ويكون الباقي للعامل.
والثاني- وهو الأصح، وبه قال المزني-: لا يصح؛ بخلاف الصورة الأولى؛ لأن ثمرة الحائط كلها لرب الحائط، فإذا بين نصيب العامل: تعين الباقي له، وإذا أضاف البعض إلى نفسه: فلا يدل على أن الباقي يكون للعامل؛ كما ذكرنا في القراض.
ولو ساقاه على ثمرة نخلة بعينها: لم يجز، [لأنها ربما لا تثمر تلك النخلة]، وكذلك: لو قال: على أن لك صاعاً من الثمرة، والباقي بيننا، أو على أن لي صاعاً والباقي بيننا: لا يصح؛ لأنه ربما لا يحصل إلا صاع؛ فلا يكون للآخر نصيب.
ولو قال:[على] أن لك الثلث، والباقي بيننا نصفان: يصح؛ كما ذكرنا في "القراض".