أم لا؟ نُظر: إن كان العقد على منفعة في الذمة: ففيه قولان؛ كالسلم، وإن كان على منفعة معينة: ففيه طريقان:
من أصحابنا من قال: فيه قولان، كما لو كان في الذمة.
ومنهم من قال: يجوز قولاً واحداً؛ كبيع العين: يجوز أن يكون العوض فيه جزافاً، فلو لم يبين الأجرة، بل قال: اعمل لي كذا، لا أعطيك شيئاً، وأرضيك، أو استأجره بمسمى فاسد من خمر أو خنزير: لا يصح، والعامل يستحق أجر مثل عمله، ولو جعل أجرته من شيء يجعله بعمله: لا يجوز؛ مثل: أن يقول: انسج هذا الثوب، ولك نصفه، أو اجن هذه الثمرة، ولك ثلثها أو اسلخ هذه الشاة، ولك جلدها، أو رد آبقي، ولك نصفه، أو اطحن هذه الحنطة على أن لك ثلث الدقيق: لا يجوز؛ لأنه يعمل له ولنفسه، وعليه الأجرة، وإن قال: استأجرتك بربع هذه الحنطة على أن تطحن لي ثلاثة أرباعها: جاز ثم يقاسمه قبل الطحن، فيفرز الربع؛ ليطحن الباقي، أما إذا كان بينهما حنطة: استأجر أحدهما صاحبه بدرهم؛ ليطحنها، أو كان بينهما ثوب استأجره ليقصر نصيبه بدرهم، أو كان بينهما دابة استأجرها صاحبه ليتعهد نصيبه بكذا؛ كما لو استأجر أحدهما من الآخر جوالقا؛ ليجعل فيه الحنطة المشتركة: جاز.
ولو جعل الأجرة منفعة عين: يجوز؛ مثل: إن أجر داراً بمنفعة دار أخرى، أو بمنفعة عبد أو أجر داراً بمنفعة دارين: يجوز، لأنه لا ربا في المنافع؛ فإنه لو أجر حلياً من ذهب بالذهب: يجوز، ولا يشترط القبض في المجلس.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: لا يجوز إجارة المنافع بالمنافع عند اتفاق الجنس.
ولو دفع ثوباً إلى خياط، فقال: إن خطت اليوم، فلك درهم، وإن خطت الغد، فلك نصف درهم.
قال الشيخ- رحمه الله-: في أي يوم خاط، فله أجر المثل.
وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: إن خاط اليوم، فله درهم، وإن خاط غداً، فأجر المثل.
وقال أبو يوسف ومحمد: له أجر المثل في أي يوم خاط، وإذا أجر شيئاً بأجر