وذكر صاحب "التلخيص": أنه يجوز اكتراء الدابة مضموناً في الذمة، ومعيناً، إلا في كراء العقب: لا يجوز إلا مضموناً. قاله المزني في "الكبير" تخريجاً.
وجملته: أنه إذا أكرى دابة من رجل إلى موضع؛ ليركب المكري زماناً والمكتري زماناً: لا يجوز؛ لأنه يتأخر حق المكتري؛ فتكون إجارة للزمان المستقبل.
ولو أكرى دابة من رجلين يتعاقبان فيه، أو أكرى من واحد على أن يركب زماناً، ويمشي زماناً: اختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من قال: لا يجوز؛ لأنه كراء إلى آجال متفرقة؛ فيكون إجارة للزمان المستقبل.
ومنهم من ذهب إلى ما قال المزني: أنه إنما يجوز مضموناً في الذمة، فأما أن يكتري جملاً بعينه في الذمة عقباً: لا يجوز؛ لأنه إذا كان في الذمة: يصير كأنه ملك نصف منافعه مشاعاً في تلك المسافة، ثم يقاسم المكري.
وإذا اكترى اثنان على هذا: ملكا الكل، ثم يقتسمان، أما في العين، فلا؛ لأن كل مدة يقبضها يتعقبها ما يقطعها؛ فيصير ما بعدها كإجارة الزمان المستقبل.
والمذهب: أنه يجوز، وهو قول عامة أصحابنا؛ سواء كان معيناً أو في الذمة.
وذكره الشافعي- رضي الله عنه- في "الأم"؛ لأن الاستحقاق مقارن للعقد، وإنما تتأخر القسمة.
وأما إذا اكتراه واحد: فقد ملك الركوب في نصف المسافة؛ وكذلك: الاثنان يكتريان، ثم يقتسمان أو المالك مع المكتري: يتعاقبان، ولا عبرة بما يتخلل كما لو استأجر ثوباً؛ ليلبسه شهراً: فإنه يلبسه بالنهار على العادة، وينزع بالليل.
ومن أصحابنا من قال: إذا اكتراه اثنان في جميع المدة: يجوز؛ لأنه لا يكون كراء مدة قابلة، [لأن الكراء موصول].
وإذا اكترى واحد، عقبه: لا يجوز؛ لأن الكراء غير موصول؛ وهذا- أيضاً- لا يصح؛ لأن كراء المشاع يجوز، ويقاسم المالك كما يقاسم الشريك؛ فإن جوزنا- فينظر: