وإن كان مما لا ينقسمُ: فإن اتفقا على ثلثا يحفظه من جهتهما-: يجوزُ؛ وألا يسلمه الحاكم إلى من يحفظه.
وإذا أراد التصرف: فلا ينفرد به أحدهما.
قلت: هذا ذا جعل التصرف إليهما، أما إذا جعل الحفظ إليهما-: لا ينفرد به أحدهما، بل يضعانه في بيت، ويقفلان عليه.
فصل في توكيل الوصي
يجوز للوصي أن يوكل الغير بالبيع فيما لم تجر العادة بأن يتولاه بنفسه، ولا يجوز أن يوصي على غيره في أمور الموصى.
وعند أبي حنيفة: يجوزُ؛ حتى قال: لو أوصى إلى إنسان في أموره-: يكون وصية وصيا فيما أوصى إليه.
أما إذا قال الموصى لرجل: أوصيت إليك حياتك، فإن مت-: ففلان وصيي، أو: أوصيت إلى فلان-: تصح، فإذا مات الوصي الأول-: يكون الآخر وصيا، وكذلك: لو أوصى إلى رجلين، فقال: إذا مات أحدهما - فقد أوصيت جميع مالي إلى الثاني-: تصح؛ كما لو قال: أوصيت إليك إلى أن يرجع ابني؛ فإذا رجع فهو وصيي-: تصح.
وإذا رجع الابن-: ينعزل الأول.
رُوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر زيد بن حارثة ف جيش مؤتة، وقال:"إذا أصيب زيد فجعفر".
ورُوي أن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوصت في وقفها إلى عليٍّ - رضي الله عنه- فإن حدث بك حدث، أو إن مت، فوصيك وصيي أو أوصيت إلى من أوصيت إليه-: فهل يجوز للوصي أن يوصى؟ فيه قولان:
أحدهما: يجوزُ، فيقول: أوصيت إليك بتركة فلان، لأن الموصى قد أذن فيه؛ كالوكيل-: يجوز له أن يوكل بالإذن.
والثاني: وهو الأصح، وقوله الجديد-: لا يجوزُ، لأنه ينعزل بالموت، فكيف يوصي إلى الغير؛ بخلاف الوكيل: فإنه يوكل في حال حياة الموكل بإذنه، والوصي يوصي بعد موت الموصى، ولأنه لو قال للوكيل: وكل بعد حياتي، أو بعد موتي-: لا يجوز، أما إذا قال للوصي: إذا حدث بك حدث-: فأوص إلى من شئت بعدك، أو أوص إلى فلان-: فقد قيل: فيه قولان، كالأول.
وقيل- وهو الأصح-: لا يجوزُ ههنا؛ لأنه لم يضف الوصاية إلى نفسه، وفي المسألة