الثالثة: إذا ادعت المرأة الإصابة، وأنكر الزوجُ، فجعلنا القول قوله، فظهر بها حملٌ؛ نلحقه به، ونحكم بالإصابة.
فإذا ادعت المرأة العنة، وادعى الرجل الإصابة، فقالت المرأةُ: أنا بكرٌ، ترى أربع نسوة عُدولٍ، فإن قلن: هي ثيبٌ، فالقول قوله، وإن ادعت زوال بكارتها بسببٍ آخر حلف الزوجُ، وإن قلن: هي بكرٌ يحكم بعدم الإصابة.
فإن قال الزوج: إني أصبتها، لكن لم أبالغ؛ فعادت العذرة - تُسمع دعواه وله تحليفها، فإذا حلفت ثبتت العنة، وإن نكلت حلف الزوج ولا خيار لها، ولا فرق في دعوى الإصابة بني أن يكون الزوج صحيح الذكر، أو مقطوع بعضه إذا بقي منه قدر الحشفة.
قال أبو إسحاق: إذا كان الزوج مقطوع بعض الذكر، فادعت المرأة عنته، وادعى هو الإصابة - فالقول قولها مع يمينها؛ لأن الضعف في بنية الذكر ظاهر، فيقوي جانبها.
أما إذا بقي من ذكره ما شككنا أنه يقع منه الجماعُ أم لا؟ - فالقول قولها مع يمينها؛ لأن الظاهر معها.
ولو ادعت امرأة الصبي والمجنون العنة على زوجها - لا تسمع، ولا تضرب المدة؛ لأنه لو بلغ أو أفاق ربما يدعي الإصابة، فقوله فيها مقبولٌ؛ لأن الصبي لا يُجامع في الغالب لصغره؛ فعجزه لا يكون عيباً.
ونقل المُزني - رحمه الله- فإن لم يُجامعها الصبي أُجل، وذلك خطأٌ في النقل؛ إنما قال الشافعي- رضي الله عنه - فإن لم يجامعها الخصي أجل، أجاب على قولنا: أن لا خيار لها بسبب كونه خصياً.
ولو قلنا: لها الخيار ورضيت به، فوجدته مع ذلك عنيناً - تُضرب المدة.
فرع: إذا نكح امرأة لا يجب أن يطأها أكثر من مرةٍ واحدةٍ، إلا أن يقصد المُضارة بالإيلاء، فيخبر بعد مُضي أربعةِ أشهرٍ على الوطءِ والطلاقِ، وهل يجب على الزوج وطئةٌ واحدةٌ - فيها وجهان:
أحدهما: لا؛ ما لا يجب سائر الوطئات، والوطء حق الزوج:
والثاني: يجب لمعنيين:
أحدهما: لإيفاء حقها من الوطء.
والثاني: ليقرر لها المهر، فإن أبرأته عن الصداق، هل يجب على هذا الوجه أن يطأها - فيه وجهان بناء على المعنيين.