إذا قذف إنساناً، ثم المقذوف شهد على القاذف بحق لإنسان- نظر: إن شهد قبل طلب [الحد]-: يقبل، سواء عفا عن الحد أو لم يعف، ثم له طلب الحد بعده، وإن شهد بعد ما طلب الحد-: لا يقبل؛ لظهور العداوة بينه وبين المشهود عليه.
فلو عفا بعد ما شهد، ثم أعاد الشهادة-: لا تقبل؛ كالفاسق: إذا شهد وردت شهادته، ثم تاب، وأعاد تلك الشهادة-: لا تقبل.
ولو شهد قبل طلب الحد، ثم طلب قبل أن يحكم الحاكم بشهادته-: لا يحكم؛ كما لو فسق الشاهد قبل الحكم.
أما إذا شهد رجل على آخر بحق، ثم المشهود عليه قذف الشاهد-: لا تبطل به شهادته، وإن طلب الحد؛ لأنا لو رددنا بمثله الشهادة-: صارت ذريعة إلى سقوط الشهادات؛ وذلك أن كل من أراد إبطال شهادة شاهد على نفسه قذفه.
فلو شهد رجل على رجل أنه قذفني فلان، أو قال: قذف زوجتي وفلاناً-: لا تقبل شهادة الأجنبي؛ فإنه لما ذكر أنه قذفني، أو قذف زوجتي-: فقد أظهر العداوة بينه وبين المشهود عليه، وشهادة العدو-: لا تقبل على العدو.
أما إذا شهد أنه قذف أمي وفلاناً فشهادته للأم غير مقبولة، وهل تقبل [لفلان]؟ فعلى قولي تبعيض الإقرار؛ بخلاف المسألة الأولى؛ لأن رد الشهادة هناك لمعنى بين الشاهد والمشهود عليه، وهو العداوة [فيعم]، والرد ههنا بين الشاهد والمشهود له، وهو البغضة، فلا يورث تهمة في حق غير الأم.
ولو شهد أنه قذفني فلان فردت شهادته، ثم عفا عن قذفه، وحسن الحال بينهما، فأعاد الشهادة لفلان-: لا تقبل؛ لأن هذه الشهادة ردت بالتهمة، فلا تقبل إذا أعادها؛ كالفاسق-: ترد شهادته، ثم يتوب لا تقبل، والله أعلم.
فَصْلُ
إذا شهد شاهدان على حادثة، واختلفت شهادتهما لمكان، أو زمان، أو وصف-: لا يجمع بينهما؛ سواء فيه القذف والقتل والنكاح والبيع وغيرها؛ مثل أن ادعى على إنسان، قذفاً، وأقام شاهدين، فشهد أحدهما أنه قذفه في البيت، وشهد الآخر أنه قذفه في السوق،