وإن كان بقرية سبعٌ أو رجلٌ آخر مول ظهره، أو رأى الدم على الطريق في غير الجهة التي فيها صاحب السلاح- فلا يكون لوثاً على الذي معه السلاح؛ لاحتمال أن السبع أو المولى قتله، وكذلك: لو وقع في ألسن الخاص والعام؛ أن فلاناً قتل فلاناً فهو لوث عليه.
ولو شهد جماعة من العبيد أو النسوان، أو اثنان منهم؛ أن فلاناً قتل فلاناً، نظر:
إن جاءوا أو شهدوا متفرقين - فهو لوث، وإن جاءوا مجتمعين، فشهدوا، سمع بعضهم كلام بعض - فليس بلوث؛ لاحتمال أنهم تواطؤوا عليه؛ أو تلقف بعضهم ببعض، ولو قال جماعةٌ من الفساق أو الصبيان - فلا يون لوثاً؛ سواء جاءوا مجتمعين أو متفرقين؛ لأنه لا حكم لقولهم؛ بدليل أنه لا يقبل خبر الفاسق والصبي؛ بخلاف العبد والمرأة، وقيل في الفساق والصبيان، إذا جاءوا متفرقين - فهو لوث؛ كالعبيد، قال الشيخ - رحمه الله-: إذا قاله جماعةٌ من الكفار - فلا يكون لوثاً.
ولو شهد عدل واحد - فهو لوث.
ولو [شهد] عدلان؛ أن فلاناً قتل أحد هذين القتيلين - فلا يكون لوثاً؛ لأنه لا يغلب على القلب صدق المدعي في حق أحدهما، ولو كان القتيل واحداً، فشهد عدلان أن أحد هذين الرجلين قتله، فعين الولي أحدهما وادعى عليه - فهو لوث؛ كما لو وجد قتيل بين رجلين، فادعى الولي على أحدهما.
ثم عند وجود اللوث: إذا خلف المدعي؛ فإن كان يدعي قتل خطإ أو شبه عمد - تجب الدية على عاقلة من حلف عليه مؤجلة - ففي الخطإ مخففة، وفي شبه العمد مغلظة.
وإن كان يدعي عمداً موجباً للقصاص - فهل يثبت القصاص؟ فيه قولان:
قال في القديم- وبه قال مالك وأحمد-: يثبت، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"تحلفون وتستحقون دم صاحبكم"، أي: دم قاتل صاحبكم، ولأنه حجة يثبت بها قتل العمد؛ يثبت به القصاص؛ كالبينة.
وقال في الجديد - وهو الأصح، وهو قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-[وبه] قال أهل العراق-: ايثبت القصاص؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في قتيل خيبر:"إما أن تدوا صاحبكم، وإما ان تؤذنوا بحربٍ" ولأنه حجة لا يثبت بها النكاح؛ فلا يثبت بها القصاص؛ الشاهد مع اليمين.