للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يشاركه فيه الآخر، أو جعل إلى أحدهما القضاء في حق، وإلى الثاني في حق آخر، أو إلى أحدهما في زمان، والآخر في زمان آخر- جاز. وإن جعل إليهم في مكان واحد، وحق واحد، وزمان واحد- ففيه وجهان:

أحدهما: لا يجوز؛ لما يكون فيه من الاختلاف؛ وهو أن يدعو كل واحد رجلاً واحداً؛ فلا يمكنه إجابتهما؛ كالإمام الأعظم لا يجوز أن يكون إلا واحداً.

والثاني: يجوز؛ كما يجوز قاضيان في بلدين.

فعلى هذا إذا جاءه رسول كل واحد [منهما] يدعواته، يجيب الأسبق منهما، وإذا جاءا معاً يقرع بينهما.

فصل في التحكيم

ولو أن رجلين حكماً رجلاً ممن يصلح أن يكون حاكماً؛ ليحكم بينهما- هل ينفذ حكمه، أم لا؟ نظر: إن كانت خصومتهما في المال، ففيه قولان:

أحدهما: ينفذ؛ لما روي أن عمر وأبي بن كعب تحاكما إلى زيد بن ثابت، وتحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم.

والثاني: لا ينفذ؛ لأنه غير مولى من جهة الإمام؛ ففي تنفيذ حكمه وقوع الخلاف.

واختلفوا في محل القولين.

منهم من قال: محل القولين إذا لم يكن في البدل قاض، فإن كان فيه قاض لم يجز.

ومنهم من قال: محل القولين إذا كان في البدل قاض؛ فإن لم يكن، يجوز؛ لأجل الضرورة.

ومنهم من قال: في الحالين قولان.

فإن قلنا: يجوز، إنما يجوز إذا كان المحكم مجتهداً، فإن لم يكن لا يجوز حكمه، وإذا جوزناه مع القاضي فينفذ حكمه. وإن كان رأيه بخلاف رأي القاضي، وإذا جوزنا؛ فبأي شيء يلزم حكمه؟ فيه قولان:

أحدهما: يلزم بتراضيهما بعد الحكم؛ لأنه لا ولاية له؛ فلا يلزم حكمه إلا بالتراضي؛

<<  <  ج: ص:  >  >>