فإن قلنا: ينعزل؛ فإذا عزله الإمام، هل ينعزل قبل بلوغ الخبر إليه؟
قيل: فيه قولان؛ كالوكيل إذا عزل، هل ينعزل قبل بلوغ الخبر إليه، أم لا؟
والصحيح: أنه لا ينعزل؛ لأنه يؤدي إلى فساد عظيم؛ فإنه يقضي قبل بلوغ الخبر إليه، ثم يحتاج إلى رد قضائه. فإن قلنا: ينعزل، فذلك إذا كتب إليه: إنك معزول أو عزلتك.
أما إذا كتب إليه: إذا أتاك كتابي؛ فأنت معزول- ما لم يصل إليه الكتاب. فإن قلنا: ينعزل القاضي بالعزل أو مات، هل ينعزل خليفته؟ نظر: إن لم يكن مأذوناً في الاستخلاف ينعزل، وإن كان مأذوناً فيه نظر: إن قال الإمام: استخلف عني لا ينعزل، وإن قال: عنك ينعزل، وإن أطلق فعلى وجهين:
أصحهما: ينعزل.
وكذلك إذا عزل القاضي خليفته هل ينعزل؟ فعلى هذا التفصيل؛ بخلاف القوام؛ حيث قلنا: لا ينعزلون بموت القاضي؛ لأنه يؤدي إلى سد باب المصالح.
وإذا فسق القاضي، أو جن، أو أغمي عليه، أو خرس- ينعزل؛ بخلاف الإمام الأعظم لا ينعزل بالفسق؛ لأن في عزله بالفسق فتنة عظيمة بين المسلمين.
ولو أخبر الإمام أن فلاناً القاضي فسق، أو مات؛ فولى غيره، ثم بان بخلافه- كان الثاني قاضياً، لأن عزل القضاة إلى الإمام بلا سبب. والله أعلم.
باب كتاب قاض إلى قاض
روي عن الضحاك بن سفيان قال: كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها.
إذا ادعى رجل على إنسان حقاً والمدعى عليه غائب عن مجلس الحكم- هل يسمع أم لا؟ نظر: إن لم يكن بينة لا يسمع، وإن كانت له بينة نظر: إن تعذر إحضار الخصم؛ بأن كان مريضاً أو مختفياً أو ممتنعاً لا يمكن إحضاره، أو كان غائباً إلى مسافة القصر- فيجوز للقاضي أن يسمع الدعوى والبينة، ويقضي عليه؛ كما لو كان ميتاً؛ لأنا لو لم نسمع صارت