ولو ضاع الكتاب في الطريق، أو امحي، أو انكسر الختم- فالشهود يشهدون على حكم القاضي الكاتب؛ فتقبل الشهادة.
وعند أبي حنيفة: لا تقبل الشهادة إلا على الكتاب.
ولو مات القاضي، أو عزل، أو جن، أو خرس، أو أغمي عليه- يجب على المكتوب إليه قبول كتابه، والحكم بما شهد عليه الشهود.
وعند أبي حنيفة: لا تقبل [الشهادة].
ولو ارتد القاضي الكاتب، أو فسق قبل وصول الكتاب؛ فإن كان في حكم مبرم، قبله المكتوب إليه، وأمضاه. وإن كان في سماع شهادة لا يقبله؛ كالشاهد إذا فسق بعد الشهادة، أو ارتد قبل الحكم، لا يحكم بشهادته، وإن كان بعد الحكم لا ينقض.
ولو مات المكتوب إليه أو عزل، فعلى من يلي قضاء تلك البلدة قبول ذلك الكتاب، والعمل به، وإن لم يكن الكتاب باسمه. فإن كان المحكوم عليه قد غاب إلى بلد آخر، فالمدعي: إن شاء دفع الكتاب إلى المكتوب إليه، ويشهد عليه الشهود، والمكتوب إليه يمضيه ثم يكتب كتاباً إلى قاضي البلد الذي غاب إليه الخصم؛ بأن قد جاءني كتاب من فلان، وأمضيته وكتبت إليك، فإذا أتاك كتابي، فامض فيه بموجب الشرع، ويشهد عليه. وإن شاء المدعي أن يحمل الكتاب إلى قاضي البلد الذي غاب إليه الخصم، جاز، وعليه قبوله وإمضاؤه. وإن كان الكتاب باسم غيره؛ لأنه يحكم بشهادة الشهود.
ويجوز لمن حكم على غائب لا يعلم مكانه أن يكتب الكتاب مطلقاً إلى كل من يبلغه من قضاة المسلمين، ثم كل قاض حمل إليه ذلك الكتاب، وشهد الشهود عليه- أن يقبله ويمضيه.
وعند أبي حنيفة: لا يجوز؛ حتى يسمى المكتوب إليه، أو يقول: إلى فلان، وإلى كل من يبلغه من قضاة المسلمين.
وإذا أراد شهود الكتاب أن يتخلفوا في الطريق- نظر: إن أرادوا التخلف في موضع ليس فيه قاض، ولا شهود- لم يكن لهم ذلك، بل عليهم الخروج إلى موضع فيه قاض وشهود. فإن طلبوا أجرة للخروج إلى موضع القاضي، لم يكن لهم أكثر من نفقتهم، وكذا دوابهم؛ بخلاف ما لو كان في البلد شهود لهم ألا يخرجوا، ويطلبوا للخروج أكثر من أجر المثل؛ لأنه لا ضرورة إليهم هناك؛ فإن القاضي يقدر على إشهاد غيرهم.