والثاني: يقضى لمن له شاهدان؛ لأن حجته مجمع عليها؛ وحجة الآخر مختلف فيها.
وإذا أقام أحد المتداعيين رجلين، أو رجلاً وامرأتين، وأقام الآخر أربعة أو عشرة- فهل ترجح بكثرة العدد.
في الجديد وهو المذهب-: لا ترجح؛ لأن كل واحد حجة كاملة. وعلق القول في القديم.
وكذلك لو أقام كل واحد بينة عادلة، وإحدى البينتين أورع- هل يقع به الترجيح؟ فعلى هذا الاختلاف.
والمذهب: أنه لا ترجيح.
وما ذكره في القديم- حكاية مذهب مالك.
وإذا اختلف البينتان في التاريخ؛ مثل: أن أقام أحدهما بينة؛ أنها ملكه منذ سنة، وأقام الآخر بينة؛ أنها ملكه منذ سنتين- هل ترجح بسبق التاريخ؟ فيه قولان:
روي البويطي: أنه لا يرجح وهما سواء؛ لأن مبنى الملك على التنقل؛ فالاعتبار بثبوت الملك في الحال؛ وهما متعارضان فيه؛ كما لو كانتا مطلقتين، أو مؤرختين بتاريخ واحد.
وروي الربيع- وبه قال أبو حنيفة، واختاره المزني، وهو الأصح-: ترجح، ويقضى لمن سبق تاريخه، لأنه ثبت له ملك من قبل بلا معارضة.
وإن قلنا: ترجح بسبق التاريخ؛ فلو أرخت إحدى البينتين، وأطلقت الأخرى- ففيه وجهان:
أحدهما: يقضى لمن أرخت بينته.
والثاني: لا، بل هما متعارضتان؛ لاحتمال أن المطلقة سابقة على المؤرخة.
وكذلك لو تنازعا في دابة أقام أحدهما بينة؛ أنها نتجت في ملكه، وأقام الآخر بينة؛ أنها ملكه مطلقاً-فهو كما لو أرخت إحدى البينتين، وأطلقت الأخرى.
وكذلك لو تنازعا في أرض مزروعة، أقام أحدهما البينة، أنها أرضه زرعها، وأقام الآخر بينة؛ أنها ملكه مطلقاً فهو كما لو أرخت إحدى البينتين، وأطلقت الأخرى، لأن بينة من يشهد بالزرع تثبت الملك من وقت الزراعة. فإن قلنا: ترجح بسبق التاريخ، فإن كانت العين في يد