للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يسحقوه ثم يذروه في البر؛ وفي بعض الروايات يذرُّوا نصفه في البر ونصفه في البحر وقال: لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذابا شديدا ففعلوا به ذلك؛ وفي الحديث أن الله أمر كلا من البر والبحر أن يجمع ما فيه وقال الله له: قم فإذا هو إنسانٌ قائم فقال له: ما حملك على ذلك؟ قال: خشيتك يا رب؛ فرحمه الله، وهذا الحديث فيه كلام لأهل العلم فبعض العلماء يقول: هذا في شرع من قبلنا، وأُجيب بأجوبة ولكن أصح ما قيل فيه ما قرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية: أن هذا الرجل إنما فعل ذلك عن جهل وأنه ظن أنه يفوت الله إذا وصل لهذه الحالة، فالرجل غير منكر للبعث وغير منكر لقدرة الله وهو يعلم أنه لو تُرِك ولم يُحرق ولم يُسحق فإن الله يبعثه؛ يعتقد هذا، لكنه أنكر كمال تفاصيل القدرة وظن أنه إذا وصل لهذه الحالة وأُحرق وسُحق وذُرّ أنه يفوت على الله ولا يدخل تحت القدرة، والذي حمله على ذلك ليس هو العناد ولا التكذيب وإنما الجهل مع الخوف العظيم فغفر الله له، فلو كان عالما ولم يكن جاهلا لم يُعذر ولو كان معاندا لم يُعذر ولكنه ليس معاندا ولا عالما فاجتمع فيه الجهل والخوف العظيم؛ فرحمه الله وغفر له؛ فهذه مسألة خفية

<<  <   >  >>