هو قولُ القدَرية بعينه، وأما ابن القيم - رحمه الله تعالى - فإنه أثبت أن الله - تعالى - خالق الخير والشر، ثم نزَّه أفعال الرب - تبارك وتعالى - عن الاتِّصاف بوصْف الشر؛ لأنه - تعالى - لا يضَع شيئًا إلا في مَوْضِعه اللائق به، وذلك عدل منه - تعالى - وليس شرًّا بالنسبة إليه، وهذا من أقوال أهل الحق.
ولو أن الشيخ الألباني قال: إن الشر لا يُنْسَب إلى الله - تعالى - لأنه ليس في فعله - تبارك وتعالى - شر - أي: بالنسبة إليه - لسلم من الاعتراض، ولكان قوله موافقًا لقول ابن القيم - رحمه الله تعالى - والله - سبحانه وتعالى - أعلم.
ثم إن قول الألباني:((والشر ليس إليك)) إنما صار شرًّا؛ لانقطاع نسبته، وإضافته إلى الله - تعالى - بالكلية، فلا يقال: إنه خالق الشر، ولا إنه يفعل الشر بأحد مِن خلقه.
وهذا هو قولُ القدَرية بعينه، والذي اتَّفق عليه أهلُ السنة والجماعة: أن الله - تعالى - خالق الشر كما أنه خالق الخير، وأنه يفعل بمن شاء خيرًا، وبمن شاء شرًّا، فالأمران معًا مُضافان إليه خلقًا وإيجادًا؛ كما قال - تعالى -: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥]، وغيرها من الآيات التي تقدَّم ذكرُها.
وإنما كان أهلُ السنة والجماعة يعدلون عن نسبة الشر وإضافته إلى الله - تعالى - على وجه الأدب في العبارة، لا على أنه منقطع النسبة، والإضافة إلى الله بالكلية، ومَن تدَبَّر ما قرَّره الشيخ الألباني في أثناء كلامه، لم يشك في حُسن عقيدته في باب القدَر، وما وقع في أول كلامه وآخره فذلك خطأ في العبارة، وقَلَّ أن يسلمَ منَ