قال ابن القيِّم - رحمه الله تعالى -: وهو - سبحانه - خالق الخير والشر، فالشرُّ في بعض مخلوقاته لا في خلْقه وفعله، ولهذا تَنَزَّه - سبحانه - عن الظلم الذي حقيقته: وضع الشيء في غير محله، فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها، وذلك خير كله، والشر: وضْع الشيء في غير محله، فإذا وضع في محلِّه لم يكنْ شرًّا، فعُلم أن الشر ليس إليه. اهـ.
وأقول: في أول كلام الشيخ الألباني نظر؛ لأن إخراج الشر مِن أفعال الله - تعالى - يقتضي أن يكون للشر خالق غير الله - تعالى - وهذا من أقوال المجوس والقدَرية، وقد قال الله - تعالى -: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الزمر: ٦٢]، وقال - تعالى -: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}[فاطر: ٣]، وقال - تعالى -: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥]، وهذه الآية الكريمة صريحة في رد قول مَن قال: إن الشر ليس من فعل الله - تعالى - ومثلها قوله - تعالى -: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ}[الأعراف: ١٦٨]؛ أي: بالنِّعَم والمصائب؛ {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، وقوله - تعالى -: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[النساء: ٧٨]، وقال - تعالى -: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}[الرعد: ١١]، وقال - تعالى -: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً}[الأحزاب: ١٧]، وقال - تعالى - إخبارًا عن الجن:{وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}[الجن: ١٠]، قال ابن كثير - رحمه الله تعالى -: وهذا مِن أدبهم في العبارة، حيث أسندوا الشر إلى غير فاعل، والخير أضافوه إلى الله - عز وجل؛ اهـ.
وقال - تعالى -: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ