ووافقه الذَّهَبي في تلخيصه، وفي حديث المنام المشهور: أن الله - تعالى - قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: ((يا محمد إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترْك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردتَ بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون))؛ رواه الترمذي وغيره من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وقال الترمذي: حسن غريب، ورواه الإمام أحمد والحاكم وغيرهما من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه.
ورواه الحاكم أيضًا من حديث عبدالرحمن بن عائش الحضرمي - رضي الله عنه - وقال:"صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، ووافقه الحافظُ الذهبي في تلْخيصه.
وفي هذه الأحاديث مع ما تقدم من الآيات أبلغ رد على مَن قال: إن الله - تعالى - لم يخلق الشر، أو إن الله - تعالى - لا يفعله بأحد من خلقه، كما يقول ذلك المجوس، والقدرية الذين هم مجوس هذه الأمة.
قال الخطابي: إنما جعلهم مجوسًا لمُضاهاة مذهبهم مذهب المجوس في قولهم بالأصلين، وهما النور والظلمة، يزعمون أن الخير من فعل النور، والشر من فِعْل الظُّلمة، فصاروا ثانوية، وكذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله - عز وجل - والشر إلى غيره.
والله - سبحانه وتعالى - خالقُ الخير والشر، لا يكون شيء منهما إلا بمشيئته، وخلقه الشر شرًّا في الحكمة كخلقه الخير خيرًا، فالأمران معًا مضافان إليه خلقًا وإيجادًا، وإلى الفاعلين لهما من عباده فعلاً واكتسابًا، انتهى.
وأحسن ما قيل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((والشر ليس إليك)) ما نقله النووي