للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المُحَدِّثِينَ أَبُو هُرَيْرَةَ». وَهَذَا مَكْذُوبٌ عَلَى عُمَرَ.

فَإِنْ تَكُ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ؛ فَاكْشِفْ عَنْ رَأْسِ مَنْ رَوَاهُ، فَإِنَّكَ لَا تَكْشِفُ عَنْ ثِقَةٍ، فَكَيْفَ يَسْتَحِلُّ مُسْلِمٌ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَرْمِيَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالكَذِبِ عَنْ غَيْر صِحَةٍ ولا ثَبْتٍ؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تسبُّوا أَصْحَابِي» (١) و «أحفظوني فِي أَصْحَابِي» (٢) و «اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي» (٣) و «مَنْ سبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ» (٤).

فَأَيُّ سَبٍّ لِصَاحِبِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَعْظَمُ مِنْ تَكْذِيبِهِ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟! وَإِنَّهُ لَمِنْ أَصْدَقِ أَصْحَابِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَحْفَظِهِمْ عَنْهُ وَأَرْوَاهُمْ لِنَوَاسِخِ أَحَادِيثِهِ، وَالأَحْدَثِ فَالأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِهِ: لِأَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِنَحْوٍ من ثَلَاثِ سِنِينَ، بَعْدَمَا أَحْكَمَ الله لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرَ أَمْرِ الحُدُودِ وَالفَرَائِضِ وَالأَحْكَامِ.

وَكَيْفَ يَتَّهِمُهُ عُمَرُ بِالكَذِبِ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الأَعْمَالِ النَّفِيسَةِ، وَيُوَلِّيهِ الوِلَايَاتِ؟ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ عُمَرَ كَمَا ادَّعى المُعَارِضُ؛ لَمْ يَكُنْ بِالَّذِي يَأْتَمِنُهُ عَلَى أُمُورِ المُسْلِمِينَ، وَيُوَلِّيهِ أَعْمَالَهُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، حَتَّى دَعَاهُ


(١) متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، أخرجه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٣٦٣)، والنسائي في الكبرى (٩١٨٢)، والحاكم (١/ ١٩٩) وابن بطة في الإبانة (١١٦)، وغيرهم من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.وإسناده صحيح.
(٣) رواه الترمذي (٣٨٦٢)، وغيره بإسناد ضعيف، وينظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للعلامة الألباني (٢٩٠١).
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٢٩٥٩)، وابن الجعد (٢٠١٠)، وأحمد في فضائل الصحابة (١٠)، وغيرهم من حديث عطاء بن أبي رباح، مرسل، وإسناده صحيح. وقد روي موصولا بإسناد ضعيف.

<<  <   >  >>