للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(١٦٣) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَن ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا الحَدِيثَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ» (١).

فَمَا ظَنُّكَ أَيُّهَا المُعَارِضُ إِذَا لَقِيتَ [٤٤/ظ] اللهَ تَعَالَى، وَقَدْ طَعَنْتَ فِي دِينِهِ، ثُمَّ لَمْ تَقْنَعْ بِجَرْحِ أَصْحَابِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي الرِّوَايَاتِ، حَتَّى تَعَرَّضْتَ فِي التَّابِعِينَ فَقُلْتَ: أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ لِغُلَامِهِ: «انْظُرْ أَلَّا تَكْذِبَ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ عِكْرِمَةُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ»، تُوهِمُ مَنْ حَوَالَيْكَ مِنَ الجُهَّالِ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ هَذَا فِي مِثْلِ عِكْرِمَةَ، فَقَدْ بَطُلَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا، وَيُظَنُّ بِرُوَاتِهَا كُلِّهَا مَا ظَنَّ ابْنُ عُمَرَ بِعِكْرِمَةَ.

فَيُقَالُ لِهَذَا المُعَارِضِ: إِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُجَوِّزُ توَهُّمَ عَلَى عِكْرِمَةَ -فِي دَعْوَاكَ-، فَمَا لَكَ رَاحَةٌ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِ مِمَّا يَغِيظُكَ مِمَّن لَا تَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى الطَّعْنِ عَلَيْهِمْ، مِثْلِ سَعِيدِ بن جُبَيْرٍ (٢) وَعَطَاءٍ، وَطَاوُوسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَنُظَرَائِهِمْ، وَالعَجَبُ مِنْكَ إِذْ تَطْعَنُ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا يُبْطِلُ دَعْوَاكَ، وَتَحْتَجُّ لِإِقَامَةِ دَعْوَاكَ بِرِوَايَةِ بِشْرٍ المَرِيسِيِّ عَنْ أَبِي شِهَابٍ الخَوْلَانِيِّ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ الَّذِي لَا يُدْرَى منْ هُمْ، وَعَنِ الكَلْبِيِّ، عَن أبي صَالح، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الأَسَانِيدِ الَّتِي أَجْتمَعَ أَهْلُ العِلْمِ عَلَى تَرْكِهَا.


(١) صحيح، أخرجه مسلم في مقدمة الصحيح (١/ ١٤)، وأبو محمد الدارمي (٣٩٧)، من طؤيق هشام، به. وأخرجه ابن أبي شيبة (٢٧٠٤٧)، والعقيلي في الضعفاء (١/ ٧)، وأبو نعيم في الحلية (٢/ ٢٧٨)، والخطيب في الجامع (١/ ١٢٩)، من طريق عبد الله بن عون. وأخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاصل (ص ٤١٤)، من طريق الأوزاعي كلاهما عن ابن سيرين، به.
(٢) في الأصل «سعيد بن المسيب» وكتب فوق المسيب «جبير» وهو الصواب.

<<  <   >  >>