للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال الضياء عقب هذا (قلتُ: واللَّه أعلم - رواية أحمد له في "المسند" يوهن هذا القول، أو رجوعه - يعنى الإمام أحمد - عنه بروايته له، وتركه في "كتابه"، وحديث عبد الله بن جعفر في "الصحيحين" قال رأيت النبي يأكل القثاء بالرطب).
قلتُ: كذا قال الضياء، ويخدش في كلامه: أن أحمد لم يشترط الصحة في "مسنده" أصلًا، وإن روى عنه ما يوهم ذلك، بل كم من حديث أعله الإمام أحمد وهو في "مسنده"؟! بل للإمام أحمد طريقة دقيقة في الإعلال قد أوردها في "مسنده"، حيث يذكر الحديث الذي ظاهره السلامة، ثم يسوق عقبه الرواية التى تعله، وقد وقع لى من ذلك أمثلة أثناء تخاريجى وعملى؛ إذا عرفت هذا: علمت أن كلام أحمد مستقيم لم يثبت له الرجوع عنه بإدراجه هذا الحديث في "مسنده"، أما احتمال عدم صحة إعلال أحمد رأسًا، فهذا مبنى على نقل الضياء المقدسى عنه، فإن كان ما نقل من "مسائل مهنا للإمام أحمد" وهو الظاهر؛ فلا مجال للتشكيك في صحته؛ وإن كان الضياء وجد هذا الكلام محكيًا عن مهنا عن الإمام أحمد ... فالغالب أنه منقول من "مسائل مهنا" أيضًا؛ اللَّهم إلا أن يكون الضياء قد حكى له هذا الكلام عن مهنا عن الإمام أحمد، فلذلك، لم يجزم بنسبته إلى الإمام أحمد، وإنما قال: (وروى عن مهنا ... ) هكذا: (وروى) بالبناء للمجهول.
ولو صح ذلك أيضًا، فلا أرى من حكى ذلك للضياء إلا وقد نقله من (مسائل مهنا) أيضًا، وإذ قد غلب الظن على صحة نسبة كلام أحمد إليه، فلننظر فيه: فنقول: إعلال الإمام أحمد لهذا الإسناد قوى جدًّا، فإنه قال: (ليس صحيحًا) فهذا نفى عام لصحة الحديث؛ ثم بين علته فقال: "ليس يعرف من حديث حميد، ولا من غير حديث حميد" يعنى عن أنس، وهو كما قال: فإن للحديث طريقًا آخر عن أنس به في سياق أتم عند الطبراني في "الأوسط" [٨/ رقم ٧٩٠٧]، والحاكم [٤/ ١٣٤]، وأبى الشيخ في أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -[رقم ٦٣٥]، وغيرهم؛ وسنده باطل مع نكارة متنه.
أما الطريق الأول: فلا يُعرف من رواه عن حميد الطويل سوى جرير بن حازم وحده، وجرير علي ثقته ومعرفته إلا أنه كان كثير الغلط كما وصفه الإمام أحمد بذلك في رواية مهنا عنه، ونقله عنه الحافظ في "التهذيب" [٢/ ٧١]، وقال ابن حبان في ترجمته من "الثقات" [٦/ ١٤٥]: "كان يخطئ؛ لأن أكثر ما كان يحدث من حفظه" ولسنا نعول هنا على ما رماه به بعضهم بالاختلاط، لكونه لما اختلط حجبه أولاده فلم يحدث الناس بشئ كما قاله ابن مهدى وغيره،=

<<  <  ج: ص:  >  >>