للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ: الذين في قلوبهم ميل وانحراف عن الهدي.

فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ: هؤلاء يتّبعون ما تصرّف منه، وذلك ليصدقوا به ما ابتدعوا وأحدثوا: لتكون لهم حجة، وعلي ما قالوا شبهة.

ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ: يتّبعون المتشابه طلبا للبس.

وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ: ويتّبعون المتشابه طلبا لتأويله، علي ما ركبوا من الضلالة، كاستدلالهم علي التثليث من قوله: خلقنا وقضينا.

وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ: الذي أرادوا به ما أرادوا.

إِلَّا اللَّهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا:

فكيف يختلف القرآن وهو قول واحد من ربّ واحد؟

والراسخون في العلم قد ردوا تأويل المتشابه علي ما عرفوا من تأويل الآيات المحكمة، التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد، وقد اتسق بقولهم القرآن، وصدّق بعضه بعضا، وبذلك نفذت به الحجة، وظهر به العذر، وزاح به الباطل، ودمغ به الكفر.

وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ: وما يتذكّر في مثل ردّ تأويل المتشابه إلي المحكم إلّا أولوا الألباب وأصحاب العقول الكبيرة (١).

إنّ التابعيّ الجليل محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام- الذي أورد ابن اسحاق روايته عن قدوم نصاري نجران- قد فسّر الآيات الأولي من سورة آل عمران، وفق مناسبة نزولها في نصاري نجران، وبيّن لنا كيف تولت هذه الآيات نقض مزاعم نصاري نجران، وإظهار الحق بشأن عيسي بن مريم عليه الصلاة والسلام.

ورأي محمد بن جعفر في المحكم والمتشابه والتأويل وجيه سديد، وفهمه


(١) السيرة النبوية لابن هشام: ٢/ ٢٢٢ - ٢٢٦ بتصرف يسير للتوضيح.

<<  <   >  >>