للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذاهبون إلي هذا المعنى للتأويل:

كثير من أئمة التفسير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ذهب إلي هذا المعنى للتأويل في آية سورة آل عمران التي أمامنا، حيث اعتبروها متوافقة مع ورود كلمة التأويل في القرآن في المواضع الأخري- التي استعرضناها فيما سبق-.

لا سيما أنّ أمامهم حديث صحيح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذم زائغي القلوب، الراغبين في تأويل المتشابه، ويحذر المسلمين منهم.

فقد روي البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ. ثم قال: «فإذا رأيتم الذين يتّبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمّاهم الله، فاحذروهم».

وفي رواية أخرى عن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن قول الله: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ، فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ فقال: «إذا رأيتم الذين يتّبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمّي الله، فاحذروهم».

وممن ذهب إلي هذا الرأي الإمامان: ابن جرير الطبري وابن كثير الدمشقي.

قال الطبري في تفسير قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ: الله الذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء، هو الذي أنزل عليك القرآن.

من هذا القرآن آيات محكمات. وهنّ اللواتي قد أحكمن بالبيان والتفصيل، وأثبتت حججهنّ وأدلتهن علي ما جعلن أدلة عليه من حلال وحرام، ووعد ووعيد، وثواب وعقاب، وأمر وزجر، وخبر ومثل، وعظة وعبر، وما أشبه ذلك.

<<  <   >  >>