للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى الثاني للتأويل: التفسير والبيان:

عرضنا فيما سبق المعنى الأول للتأويل المذكور في آية آل عمران، وهو بيان الحقيقة التي تؤول إليها النصوص الغيبية، وبيّنّا أن التأويل علي هذا المعنى خاصّ بالله، ولا يعلمه الراسخون في العلم، ولا غيرهم، وفسّرنا الآية علي هذا المعني.

ونقدم الآن المعنى الثاني للتأويل المذكور في هذه الآية، وهو التفسير والبيان.

قال ابن منظور في لسان العرب عن ورود التأويل بمعنى التفسير:

يقال: أوّل الكلام، وتأوّله: إذا فسّره.

والمراد بالتأويل: نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلي ما يحتاج إلي دليل، لولاه لما ترك ظاهر اللفظ.

وسئل أبو العباس أحمد بن يحيي عن التأويل فقال: التأويل والتفسير بمعنى واحد.

وقال أبو منصور: يقال: ألت الشيء أؤوله: إذا جمعته وأصلحته.

فكأنّ التأويل جمع معاني ألفاظ أشكلت بلفظ واضح لا إشكال فيه (١).

وقال أبو البقاء الكفوي في الكليات: «والتفسير والتأويل واحد: وهو كشف المراد عن اللفظ المشكل» (٢).

ومع أنّ التأويل في القرآن لم يرد بمعنى التفسير، لكن استعمله بعض الصحابة والتابعين بمعنى التفسير، وشاع استعماله بعد عصر التابعين بهذا المعني، واشتهر بعد ذلك به، واصطلح عليه المفسّرون، وقديما قال العلماء: لا مشاحة في الاصطلاح.


(١) لسان العرب لابن منظور: ١١/ ٣٢ - ٣٣.
(٢) الكليات لأبي البقاء: ٢٦١.

<<  <   >  >>