للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الراجح أنّ الوقف لازم علي لفظ الجلالة. وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ.

وما بعدها جملة استئنافية تقرّر معنى جديدا، وهو موقف الراسخين في العلم من تأويل المتشابه. وهي جملة خبرية. الرَّاسِخُونَ مبتدأ.

والجملة الفعلية يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ في محل رفع خبر. أي: الراسخون في العلم قائلون آمنا به كلّ من عند ربنا.

وبينما ذمّت الآية الزائغين لرغبتهم في تأويل المتشابه، فقد مدحت الراسخين في العلم لعدم خوضهم في تأويل المتشابه، واعترافهم بالعجز عن تأويله، وقصرهم تأويله علي الله، وإعلانهم الإيمان بالقرآن كله وأنّ قسميه من المحكم والمتشابه هما من عند الله: يَقُولُونَ: آمَنَّا بِهِ، كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا.

ووصفت الآية الراسخين في العلم وصفا آخر، مادحة لهم، فقالت:

وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ. فهم أولوا ألباب، وأصحاب عقول كبيرة، ولذلك عرفوا حدّهم في التعامل مع الآيات المتشابهات، فلم يجاوزوه، وعرفوا عجزهم عن تأويلها، فآمنوا بها أنها من عند الله.

ثم عرضت الآيتان التاليتان دعاء يدعو به الراسخون في العلم أولو الألباب، ويطلبون من الله فيه أن يثبتهم علي الحق، وأن لا يزيغ قلوبهم كما أزاغ قلوب متبعي المتشابه: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.

وأعلنوا إيمانهم بقدوم يوم القيامة: رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ، إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ.

مناسبة نزول الآيات:

قبل أن نتحدث عن معنى التأويل المذكور مرتين في هذه الآيات، واختلاف العلماء فيه، وقبل أن نقدم بعض اللطائف والدلالات من

<<  <   >  >>