للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأصح القولين في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)[الأنبياء: ١٠٧]، أنه على عمومه، وفيه على هذا التقدير وجهان:

أحدهما: أن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته ، أما أتباعه فنالوا بها (١) كرامة الدنيا والآخرة، وأما أعداؤه المحاربون له، فالذين (٢) عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم، لأن حياتهم زيادةٌ لهم في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة، وهم قد كتب عليهم الشقاء، فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم في الكفر، وأما المعاهدون له فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته، وهم أقل شرًا بذلك العهد من المحاربين له.

وأما المنافقون فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهلهم واحترامها وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوارث وغيره (٣)؛ وأما الأُمَم النَّائية عنه فإن الله رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض فأصاب كل العالمين النَّفع برسالته .

الوجه الثاني: أنه رحمة لكل أحد، لكن المؤمنون قبلوا هذه الرحمة فانتفعوا بها دنيا وأخرى، والكفار ردوها، فلم يخرج بذلك عن أن يكون رحمةً لهم، لكن لم يقبلوها، كما يقال: هذا دواء


(١) في (ظ، ت)، ونسخة (ظ) على حاشية (ب) (به).
(٢) سقط من (ظ، ب)، ووقع في (ت، ج) (فالمحاربون له عجل قتلهم).
(٣) وقع في (ح) (وغيرها).

<<  <  ج: ص:  >  >>