للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من يراه يهابه ويجله، ويملأ قلبه تعظيمًا وإجلالًا وإن كان عدوًا له، فإذا خالطه وعاشره كان أحب إليه من كل مخلوق، فهو المُجَلُّ المُعَظَّم المحبوب المكرم، وهذا كمال المحبة، أنْ تُقْرَنَ بالتعظيم والهيبة، فالمحبة بلا تعظيم ولا هيبة ناقصة، والهيبة والتعظيم من غير محبة (١) - كما تكون للقادر الظالم - نقص أيضًا، والكمال: أن تجتمع المحبة والوِدّ والتعظيم والإجلال، وهذا لا يوجد إلا إذا كان في المحبوب صفات الكمال التي يستحق أن يُعَظَّم لأجلها ويُحَبُّ لأجلها.

ولما كان الله أحق بهذا من كل أحد كان المستحق لأن (٢) يعظم ويكبر ويهاب، ويحب ويُوَدَّ بكل جزء من أجزاء القلب، ولا يجعل له شريك في ذلك، وهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله سبحانه: أن يسوي بينه وبين غيره في هذا الحب والتعظيم (٣)، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥] فأخبر أن من أحبَّ شيئًا غير الله مثل حُبِّه لله كان قد اتَّخذه ندًّا. وقال أهل النار في النار لمعبودهم: ﴿تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٩٧ - ٩٨]، ولم تكن تَسْويتهم لهم بالله في كونهم خَلَقُوا السماوات والأرض، أو خَلَقوْهم، أو (٤) خلقوا آباءهم،


(١) وقع في (ح) (محبة ناقصة): ولعلها مُقحمة من الناشر.
(٢) في (ظ) (بأن).
(٣) سقط من (ظ) فقط.
(٤) من (ت، ح) وفي باقي النسخ (وخلقوا آباءهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>