رجل برنسا، فلمّا علم أنّه مأخوذ نحر نفسه، فقال عمر رضى الله عنه: مروا عبد الرحمن فليصلّ بالناس، فصلّى بهم صلاة خفيفة، فأمّا من وراءه فقد رأى ما رأى، وأمّا من كان فى نواحى المسجد فلا يدرون إلاّ أنهم فقدوا صوت عمر، وسمعوا سبحان الله، سبحان الله.
ثم حمل عمر إلى بيته، ثم قال لابن عبّاس: انظر من قتلنى! فخرج ثم دخل، فقال: غلام المغيرة. فقال عمر: الصّناع؟ يعنى النجار، قال: نعم، قال: قاتله الله، لقد كنت أمرت به معروفا، الحمد لله الذى لم يجعل منّيتى بيد رجل يدّعى الإسلام، ثم قال لابن عبّاس: كنت وأبوك تريدان أن تكثر العلوج بالمدينة، فقال:
إن شئت فعلناها، يعنى قتلناهم، فقال: أبعد ما تكلّموا (١٨٨) بلسانكم، وصلّوا صلاتكم، وحجّوا حجّكم؟
وكأنّ المسلمين لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ.
ثم دعا عمر ابنه عبد الله فقال: يا بنىّ، أوص الخليفة من بعدى بتقوى الله عز وجلّ، والأخذ بكتاب الله تعالى، وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلم، وبالمهاجرين {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْاالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْااناً، وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ»}(١)، وأن يعرف لهم منزلتهم وكرامتهم وسابقتهم، وأوصه بالأنصار {الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ، يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ»} إلى قوله {فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»}(٢)، وأوصه بالأعراب خيرا، فإنّهم شجرة العرب، ومادة الإسلام، أن يأخذ من أموالهم