وحاشيته جلوس يصطبحون، فوقف بهم وقال: ما تخلّفكم بعد ركوب أمير المؤمنين؟ فقالوا له: بدالية لهم عليه: أنزل واصطبح لا أمّ لك. فأمر بهم فسحبوا، وقطع أطناب المخيم وهدمه على رؤوس القوم ودكّهم فى أسرع وقت وأعجله، وهم لا يعقلون بعد تخريق المخيم والإيقاع بهم.
فلحقوا بروح بن زنباع صارخين لما نالهم من الحجاج. فعظم ذلك عليه وشكاه لعبد الملك فأحضره وقال: ما حملك على ما فعلت بحاشية أبى زرعة؟ فقال: لست الفاعل أنا، يا أمير المؤمنين. فقال: فمن فعل بهم ذلك وتلك؟ قال: هو أمير المؤمنين، فإن أمرى من أمره وفعلى من فعله، ولو كنت أنا المستبد بذلك لعجزت عن تحريك أثان. فإن رأى أمير المؤمنين أعزه الله أن يعوّض أبا زرعة عن مخيمه من مخيم أمير المؤمنين خاصة نفسه ويطلق لحاشيته إنعاما يظهر لكافة الجيش ويدع أمرى مستقيما فالأمر لأمير المؤمنين. فاستعظم عبد الملك فعله وأعجب بفصاحته وقوة جنانه، وأمر لروح بن زنباع مخيما من خاصه وإنعاما على ساير حاشيته، واستقر بالحجاج على أمره فعظم، فى أعين الناس وهابوه. وأخبأها عبد الملك فى نفسه إلى أن ولاه العراقين.
ومن نوادر أخباره أنه لما ولى أسد بن عبد الله عمل ميسان، وكان أسد هذا أحد إخوة لإحدى زوجاته، وهى أسماء بنت عبد الله (١١٩) فانهمك أسد على اللذة، وشرب الخمر، وعسف الناس، فسعوا به إلى