للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدودك» ولم يحصل له منّى حرج إلاّ فى كلام واحد، وذلك أنّه قال لى:

كيف يتركون أمرايكم الرجال <النساء> ويستخدمون الشباب؟ -يعنى بذلك:

المردان. قال: فعلمت أنّه يريد قتلى وأذيّتى، إذ لابدّ لى عن الجواب، قال: فقلت فى نفسى: ما من الله إلاّ وإليه، فقلت: يحفظ الله القآن! إنّ أمرانا ما كانوا يعرفون شيئا (٥) من هذا، وإنّما هذا استجدّ فى بلادنا لمّا جاء إلينا طرغاى من عندكم، فإنّه ورد إلينا بشباب من أولاد التتار فاشتغل الناس بهم عن النساء. قال: فلمّا سمع هذا الجواب عظم عليه وأسخطه، والتفت إلى أعيان المغل الذين من حوله وتحدّث معهم بالمغلىّ.

وأنا قد علمت أنّى مقتول، لا محالة، وأنا واقف بين يديه

ثمّ قال للحاجب: قل لرفيقه: يا قاضى، تشهد على صاحبك بما قال فى مجلس القآن؟ -فأعاد الحاجب على عماد الدين بن السكّرىّ، فقال:

نعم، سمعته يقول. -قال المجيرىّ: والله لم يتكلّم غازان منذ حضرنا بين يديه مع عماد الدين السكّرىّ غير هذه الكلمة

ثمّ قال غازان للحاجب: قل له: ما تقول فى نساينا ونساكم؟ - قال: فعلمت أنّه يريد التأكيد فى قتلى. فتشاهدت فى نفسى وأخلصت النيّة فى لقاء الله عزّ وجلّ وقلت: يحفظ الله القآن! أنت ملك الشرق، ويقبح أن تذكر النسا فى هذا المجلس! إنّ نساءنا يستحين (١٧) من الله تعالى ومن الناس، ويسترن وجوههنّ (١٨)، ونساكم، أنتم أخبر بهنّ وبحالهنّ، - قال: فأطرق غازان إلى الأرض ساعة ورفع رأسه وقال للحاجب:

أخرجهم! أرميهم فى المنجنيق!


(٥) شيئا: شئ
(١٧) يستحيين: يستحيون
(١٨) ويسترن وجوههن: يسترون وجوههم.