للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا أبا بكر (١)، ما رأيت يوما كان مثل يوم فارقتنا أنت من الزعقة وتوجهت على البريد، وأخذنا نحن بيبرس وسرنا به راجعين متوجّهين إلى العريش.

فتقدّم نجّاب لقراسنقر اسمه خنافر وضرب ربابا (٣) قدّام بيبرس وقراسنقر، وقال عليه غناء (٤) مليحا قبيسى فى صورة الحال يبكى الحجارة، فبكى كلّ من كان فى العسكر. -ثمّ طلب الوالد لنقيب العربان يسمّى شرف ابن طراد وقال: قل لبو بكر الشعر الذى قاله لنا خنافر ذلك اليوم، فأنت تحفظه، -فقال شرف: قال خنافر <من الطويل>:

فراق الأخلاّ كالزجاج إذا انشظى ... عسى فيكمو لى (٨) من يداوى كسورها

عسى فيكمو أو منكمو لى (٩) ... مساعد

فقد بلغت الأرواح منّا نحورها

وسود الليالى ما وفت بعهودها ... ألا بشّروا الأعدا بباقى سرورها

وكم ملك الدنيا ملوك كواسر ... غدوا وتولّى غيرها فى قصورها

ولا بدّ ما يغتالنا غامق الثرى ... وتطبق ذا الدنيا علينا قبورها

وكان شرف بن طراد أيضا يغنّى القبيسىّ جيدا، فلا زال يغنّيه لنا.

ونحن نبكى إلى بلبيس، وهذا آخر ما تحقّقته من أمر بيبرس، والله أعلم

وفيها توفّى الأمير عزّ الدين أيبك الخزندار رحمه الله، والأمير شمس الدين سنقر الأعسر رحمه الله قبل حلول الركاب الشريف إلى الديار المصريّة مؤيدا بالنصر

وفيها (١٨) توفّى القاضى بهاء الدين بن الحلّىّ ناظر الجيوش، وولى مكانه القاضى فخر الدين، وكان من قبل صاحب الديوان وكاتب الممالك السلطانيّة فاستقرّ كذلك إلى حين وفاته فى تأريخ ما يأتى ذكره إنشا الله تعالى (٢٠)


(١) أبا بكر: ابو بكر--يوما: يوم
(٣) ربابا: رباب
(٤) غناء مليحا: غنا مليح
(٨) لى: الى
(٩) لى: الى--المصراع الثانى مضطرب الوزن
(١٨ - ٢٠) وفيها توفى. . . إنشا الله تعالى: بالهامش