للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاستمع الصوت، فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود فسأل عبد الله عن ذلك فقال:

إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر بقوله سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي

٥ - بمناسبة قوله تعالى: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً قال ابن كثير: (وقد كان هذا سائغا في شرائعهم، إذا سلموا على الكبير يسجدون له، ولم يزل هذا جائزا من لدن آدم إلى شريعة عيسى عليه السلام، فحرم هذا في هذه الملة، وجعل السجود مختصا بجناب الرب سبحانه وتعالى، هذا مضمون قول قتادة وغيره. وفي الحديث أن معاذا قدم الشام فوجدهم يسجدون لأساقفتهم، فلما رجع سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما هذا يا معاذ؟» فقال: إني رأيتهم يسجدون لأساقفتهم، وأنت أحق أن يسجد لك يا رسول الله، فقال: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها». وفي حديث آخر: أن سلمان لقي النبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة- وكان سلمان حديث عهد بالإسلام- فسجد للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: «لا تسجد لي يا سلمان واسجد للحي الذي لا يموت». والغرض أن هذا كان جائزا في شريعتهم، لهذا خروا له سجدا، فعندها قال يوسف: يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا أي هذا ما آل إليه الأمر، فإن التأويل يطلق على ما يصير إليه الأمر كما قال تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ (الأعراف: ٥٣) أي يوم القيامة يأتيهم ما وعدوا به من خير وشر.

٦ - يذكر ابن كثير روايات متعددة عن المفسرين في الزمن الذي كان بين إلقاء يوسف في الجب وبين لقائه بأبيه، ومرجع هذه الروايات كلها روايات أهل الكتاب.

وإذا رجعنا إلى التوراة الحالية فإن المدة التي يمكن استخلاصها هي اثنان وعشرون عاما، إذ ألقي في الجب وهو ابن سبع عشرة عاما، وخرج من السجن وهو ابن ثلاثين.

وكانت سنو الشبع سبعا، وجاء يعقوب إلى مصر بعد سنتين من الجوع.

٧ - بمناسبة قوله تعالى على لسان يوسف: تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ.

قال ابن كثير: (وهذا الدعاء يحتمل أن يكون يوسف عليه السلام قاله عند احتضاره، كما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يرفع إصبعه عند الموت ويقول: «اللهم في الرفيق الأعلى»، ويحتمل أنه سأل الوفاة على الإسلام واللحاق بالصالحين إذا جاء أجله وانقضى عمره، لا أنه سأله ذلك منجزا، كما يقول الداعي لغيره: أماتك الله على الإسلام، ويقول الداعي: اللهم أحينا مسلمين وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين. ويحتمل أنه سأل ذلك منجزا، وكان ذلك سائغا في ملتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>