- سواء في معتقداتهم أو أساطيرهم أو فلسفاتهم- في ظل التصور الإسلامي للوجود الإنساني ثم للوجود كله ... إن سائر التصورات- حتى لكبار الفلاسفة الذين يعتز بهم تاريخ الفكر الإنساني- تبدو محاولات أطفال يخبطون ويخوضون في سبيل الوصول إلى الحقيقة. تلك الحقيقة التي تعرض في التصور الإسلامي- وبخاصة في القرآن- عرضا هادئا ناصعا قويا بسيطا عميقا. يلتقي مع الفطرة التقاء مباشرا دون كد ولا جهد ولا تعقيد؛ لأنه يطالعها بالحقيقة الأصلية العميقة فيها، ويفسر لها الوجود وعلاقتها به، كما يفسر لها علاقة الوجود بخالقه.
وطالما عجبت وأنا أطالع تصورات كبار الفلاسفة؛ وألاحظ العناء القاتل الذي يزاولونه وهم يحاولون تفسير هذا الوجود وارتباطاته؛ كما يحاول الطفل الصغير حل معادلة رياضية هائلة ... وأمامي التصور القرآني يبدو واضحا ناصعا سهلا هينا ميسرا طبيعيا، لا عوج فيه ولا لف ولا تعقيد ولا التواء. وهذا طبيعي، فالتفسير القرآني للوجود هو تفسير صانع هذا الوجود لطبيعته وارتباطاته ... أما تصورات الفلاسفة فهي محاولات أجزاء صغيرة من هذا الوجود لتفسير الوجود كله. والعاقبة معروفة لمثل هذه المحاولات البائسة!
إنه عبث، وخلط، وخوض، حين يقاس إلى الصورة المكتملة الناضجة المطابقة، التي يعرضها القرآن على الناس، فيدعها بعضهم إلى تلك المحاولات المتخبطة الناقصة.
المستحيلة الاكتمال والنضوج!).
٦ - بمناسبة قوله تعالى: مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ قال ابن كثير:
(وقال ابن أبي حاتم حدثنا صفوان بن عمرو أنه سمع الهيثم بن مالك الطائي يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله، يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه». وعن ثابت قال: بلغنا أن الرجل ليتكئ في الجنة سبعين سنة عنده من أزواجه وخدمه، وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم، فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له لم يكن رآهن من قبل ذلك فيقلن قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا).
٧ - بمناسبة قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ... قال ابن كثير: (روى الثوري عن ابن عباس قال: إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقربهم