وريحان، وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت، كما تقدم في حديث البراء:«إن ملائكة الرحمة تقول: أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب، كنت تعمرينه، اخرجي إلى روح وريحان وجنة ورب غير غضبان» قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فَرَوْحٌ يقول: راحة، وريحان يقول: مستراحة، وكذا قال مجاهد: إن الروح الاستراحة، وقال أبو حرزة: الراحة من الدنيا، وقال سعيد بن جبير والسدي: الروح: الفرح وعن مجاهد فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وجنة ورخاء، وقال قتادة فروح فرحمة وقال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير: وريحان ورزق وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة؛ فإن من مات مقربا حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة، والفرح والسرور والرزق الحسن وَجَنَّةُ نَعِيمٍ قال أبو العالية: لا يفارق أحد من المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيقبض روحه فيه، وقال محمد بن كعب: لا يموت أحد من الناس حتى يعلم من أهل الجنة هو أم من أهل النار؟ وقد قدمنا أحاديث الاحتضار عند قوله تعالى في سورة إبراهيم: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ولو كتبت هاهنا لكان حسنا، وأجلها حديث تميم الداري، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«يقول الله تعالى لملك الموت: انطلق إلى فلان فائتني به، فإنه قد جربته بالسراء والضراء فوجدته حيث أحب. ائتني به فلأريحنه، قال: فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة، معهم أكفان وحنوط من الجنة، ومعهم ضبائر الريحان، أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لونا، لكل منها ريح سوى صاحبه، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك» وذكر تمام الحديث بطوله كما تقدم، وقد وردت أحاديث تتعلق بهذه الآية.
روى الإمام أحمد عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ برفع الراء وكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث هارون- وهو ابن موسى الأعور- به وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديثه، وهذه القراءة هي قراءة يعقوب وحده، وخالفه الباقون فقرءوا فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ بفتح الراء. وروى الإمام أحمد عن أم هانئ أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتزاور إذا متنا، ويرى بعضنا بعضا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يكون النسم طيرا يعلق بالشجر حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس في جسدها». هذا الحديث فيه بشارة لكل مؤمن، ومعنى يعلق يأكل، ويشهد له بالصحة أيضا ما رواه الإمام أحمد عن الإمام محمد بن إدريس الشافعي عن الإمام مالك ابن أنس عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم