وإخلاصه التام وإنفاقه في حال الجهد والقلة والضيق، وفي الحديث:«سبق درهم مائة ألف» ولا شك عند أهل الإيمان أن الصديق أبا بكر رضي الله عنه له الحظ الأوفر من هذه الآية فإنه سيد من عمل بها من سائر أمم الأنبياء، فإنه أنفق ماله كله ابتغاء وجه الله عزّ وجل ولم يكن لأحد عنده نعمة يجزيه بها).
٧ - بمناسبة قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً قال ابن كثير: (روى ابن أبي حاتم ... عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ
قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ
قال أبو الدحداح الأنصاري:
يا رسول الله وإن الله ليريد منا القرض؟ قال:«نعم يا أبا الدحداح» قال: أرني يدك يا رسول الله قال: فناوله يده قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي، وله حائط فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها قال: فجاء أبو الدحداح فناداها يا أم الدحداح قالت:
لبيك قال: اخرجي فقد أقرضته ربي عزّ وجل، وفي رواية أنها قالت له: ربح بيعك يا أبا الدحداح ونقلت منه متاعها وصبيانها وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح» وفي لفظ: «رب نخلة مدلاة، عروقها در وياقوت لأبي الدحداح في الجنة»).
٨ - بمناسبة قوله تعالى: يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ قال ابن كثير: (كما قال عبد الله بن مسعود في قوله تعالى يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ قال: على قدر أعمالهم يمرون على الصراط، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة، ومنهم من نوره مثل الرجل القائم، وأدناهم نورا من نوره في إبهامه يتقد مرة ويطفأ مرة، ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وقال قتادة:
ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:«من المؤمنين من يضئ نوره من المدينة إلى عدن أبين وصنعاء فدون ذلك حتى إن من المؤمنين من يضئ نوره موضع قدميه». وقال سفيان الثوري عن حصين عن مجاهد عن جنادة بن أبي أمية قال: إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وسيماكم وحلاكم ونجواكم ومجالسكم، فإذا كان يوم القيامة قيل يا فلان هذا نورك، يا فلان لا نور لك وقرأ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وقال الضحاك: ليس أحد لا يعطى نورا يوم القيامة، فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طفئ نور المنافقين فقالوا رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وقال الحسن: يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ يعني على الصراط، وقد روى