سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو لم أسمعه إلا مرة، أو مرتين، أو ثلاثا، أو أربعا، حتى عد سبعا ما حدثتكموه» ثم قال الترمذي: حديث حسن والذين رأى أبو أمامة رءوسهم هم الخوارج، فهم إحدى الفرق التي تفرقت، واختلفت؛ فاستحقت سواد الوجه يوم القيامة.
وبمناسبة قوله تعالى وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا ننقل تحقيقا للآلوسي بسبب أن كثيرين لا يفرقون بين أنواع من الاختلافات:
يقول الألوسي:«ثم إن هذا الاختلاف المذموم، محمول كما قيل على الاختلاف في الأصول دون الفروع، ويؤخذ هذا التخصيص من التشبيه، وقيل: إنه شامل للأصول والفروع لما نرى من اختلاف أهل السنة فيها- كالماتريدي، والأشعري- فالمراد حينئذ بالنهي عن الاختلاف فيما ورد فيه نص من الشارع، أو أجمع عليه وليس بالبعيد.
واستدل على عدم المنع من الاختلاف في الفروع بقوله عليه الصلاة والسلام «اختلاف أمتي رحمة» وبقوله صلى الله عليه وسلم: «مهما أوتيتم من كتاب الله تعالى فالعمل
به لا عذر لأحد في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله تعالى فسنة مني ماضية، فإن لم يكن سنة مني ماضية فما قال أصحابي. إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيما أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة» وأراد بهم صلى الله عليه وسلم خواصهم البالغين رتبة الاجتهاد، والمقصود بالخطاب من دونهم فلا إشكال فيه، خلافا لمن وهم. والروايات عن السلف في هذا المعنى كثيرة.
فقد أخرج البيهقي في المدخل عن القاسم بن محمد قال:«اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رحمة لعباد الله تعالى» وأخرجه ابن سعد في طبقاته بلفظ «كان اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للناس» وفي المدخل عن عمر بن عبد العزيز قال: «ما سرني لو أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة» واعترض الإمام السبكي بأن «اختلاف أمتي رحمة» ليس معروفا عند المحدثين، ولم أقف له على سند صحيح، ولا ضعيف، ولا موضوع، ولا أظن له أصلا إلا أن يكون من كلام الناس؛ بأن يكون أحد قال: اختلاف الأمة رحمة فأخذه بعضهم، فظنه حديثا، فجعله من كلام النبوة، وما زلت أعتقد أن هذا الحديث لا أصل له، واستدل على بطلانه بالآيات، والأحاديث الصحيحة، الناطقة بأن الرحمة تقتضي عدم الاختلاف، والآيات أكثر من أن تحصى، ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم «إنما هلكت بنو إسرائيل بكثرة