شعر العرب، وتناولوا الخليل فتعذر عليهم بالقدح فيما كان ينتحله من علم اللغة فعدلوا إلى عيب عضهه به المتكلمون وأهل الجدل فقالوا: روى عنه واحد من كبار علماء بلده أنه كان مصروفا عن إدراك الحكمة إلا عن النحو والعروض، وما كل إنسان يفطن لنقصه، وأنه كان محصور الطبع عن تفهم فنون من العلم رام تعلمها فبقي فيها كالا حيرا، فمن تلك الفنون علم الغناء والإيقاع، وعلم الكلام والجدل، وعلم الشطرنج والرد. فأما علم الغناء والإيقاع فإنه وضع فيه كتابا وسماه/ تراكيب الأصوات/ وهو لم يعالج وترا قط، ولا مس بيده قضيبا، ولا كثرت مشاهدته للمغنين.
وأما علم الكلام والجدل فله فيه كتاب لو جهد كل بليغ في الأرض أن يتعمد مثل ذلك الخطا وذاك التعقيد لتعذر عليهم الوصول إليه، ولو أن مجنونا استفرغ مجهوده وأفنى مدته في الهذيان لما تهيأ مثل ذلك منه، ولن يأتي مثل ذلك أحد إلا بخذلان الله تعالى لا يبقى منه شيء.