وقوله:(بله) اسم بمعنى غير منصوب على الاستثناء من ما المذكورة أي أعددت لعبادي ما لا رأت عين، غير (ما أطلعكم الله) وأظهركم (عليه) وأخبركم به، قال القرطبي: ومعنى هذا الكلام أن الله تعالى ادخر لهم في الجنَّة من النعيم والخيرات واللذات ما لم يطلع عليه أحدًا من الخلة لا بالإخبار عنه ولا بالفكرة فيه؛ يعني أن المعد المذكور غير الذي أطلع عليه أحدًا من الخلق، وقيل بله اسم من أسماء الأفعال بمعنى دع واترك، وإعرابه حينئذ بله اسم فعل أمر بمعنى دع واترك مبني على الفتح لشبهه بالحرف شبهًا استعماليًا وحرك فرارًا من التقاء الساكنين وكانت فتحة للخفة ومعناه حينئذ دع عنك ما أطلعكم عليه فالذي لم يطلعكم عليه أعظم وكأنه أضرب عنه استقلالًا له في جنب ما لم يطلع عليه وهذا المعنى أشهر في بله والأول أوضح في هذا المقام، وقيل معناه كيف وهو غير ظاهر هنا.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في هذا الحديث فقال:
٦٩٦١ - (٠٠)(٠٠)(حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا: حدّثنا أبو معاوية ح وحدثنا) محمَّد بن عبد الله (بن نمير واللفظ له حدّثنا أبي) قالا: (حدّثنا الأعمش عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. وهذان السندان من خماسياته، غرضه بيان متابعة أبي صالح للأعرج (قال) أبو هريرة (قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: يقول الله عزَّ وجل: أعددت) أي هيأت وادخرت (لعبادي الصَّالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرًا) لهم في خزائن جنتي (بله) أي غير (ما أطلعكم الله) سبحانه (عليه) وأخبركم به (ثم قرأ) أبو هريرة