للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيهِ، وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ. فَصَاحَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ. فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيهَا شَيئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ قَال: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. "فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ"

ــ

وأغمي (عليه) لشدة مرضه، وفي بعض النسخ غشي عليه بلا فاء (ورأسه) أي والحال أن رأس أبي موسى (في حجر) ومقدم بدن (امرأة من أهله) وأزواجه، والحجر بفتح الحاء وكسرها مع سكون الجيم فيهما لغتان مقدم البدن من الفخذ والصدر (فـ) ـأقبلت و (صاحت) أي ناحت ورفعت صوتها بالبكاء (امرأة) أخرى (من أهله) وأزواجه أيضًا وهي أم عبد الله بنت أبي دومة لها صحبة وحديث كما سيأتي قريبًا، وإنَّما قلنا امرأة أخرى جريًا على القاعدة المشهورة عندهم المذكورة في عقود الجمان لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي بقوله:

ثم من القواعد المشتهرة ... إذا أتت نكرة مكررة

تغايرت وإن يعرَّف ثان ... توافقا كذا المعرفان

(فلم يستطع) أَبو موسى رضي الله عنه أي لم يقدر لشدة مرضه وغشيانه (أن يرد) وينكر (عليها) أي على أم عبد الله ما أتت به من المنكر الذي هو الصياح والنياحة (شيئًا) من الرد والإنكار لا قولًا ولا إشارة وهو منصوب على المفعولية المطلقة ليرد ثم أفاق من إغمائه وغشيانه (فلما أفاق) وصحا من إغمائه (قال) أَبو موسى معرضًا لها (أنا بريء) أي متبرئ (مما) أي من الشيء الذي (برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم) من منكرات الشرع (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي وإنَّما قلت ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم (برئ) أي تبرأ (من الصالقة) بالصاد والسين لغتان، أي من النائحة التي ترفع صوتها بالبكاء والندب عند المصائب (والحالقة) أي ومن التي تحلق شعرها في المصائب (والشاقة) أي ومن التي تشق جيبها وثوبها عند المصيبة، كما قال في الحديث الآخر "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب".

والمعنى أنا بريء من تصويب فعلهن أو مما يستوجبن علي ذلك من العقوبة أو مما لزمني من بيان حكمه اهـ أبي. وأصل البراءة الانفصال عن الشيء والبينونة منه، ومنه البراءة من العيوب والدين وبارأ الرجل امرأته أي فارقها، ويحتمل أن يريد به أنَّه متبرئ

<<  <  ج: ص:  >  >>