للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واعْلَمْ: أَنَّ الخَبَرَ والشهادةَ يَشْتَرِكان في أوصافٍ، ويَفْتَرِقان في أوصافٍ، فيَشْتَرِكان في اشتراطِ الإِسلامِ والعقلِ والبُلوغِ والعدالةِ والمُروءةِ وضَبْطِ الخبرِ أو المشهودِ به عند التحمُّل والأداء، ويَفْتَرِقانِ في الحُرِّيَّةِ والذُّكوريةِ والعددِ والتهمةِ وقبولِ الفرع مع وجود الأصل.

فيُقبل خبرُ العبدِ والمرأةِ والواحدِ وروايةُ الفَرْع مع حضور الأصل الذي هو شيخه، ولا تُقبل شهادتُهم إِلَّا في المرأة في بعض المواضع مع غيرها.

وتُرَدُّ الشهادة بالتُّهمة كشهادته على عَدُوِّه، وبما يَدْفَعُ به عن نفسه ضررًا أو يَجُرُّ به إِليها نَفْعًا ولولدِه ولوالدِه.

واختلفوا في شهادة الأعمى: فمَنَعَها الشافعيُّ وطائفةٌ، وأجازها مالكٌ وطائفةٌ، واتَّفَقُوا على قبول خبره.

وإِنما فَرَّقَ الشرعُ بين الشهادة والخبرِ في هذه الأوصاف؛ لأنَّ الشهادةَ تَخُصُّ فيظهر فيها التهمة، والخبرَ يعمّه وغيرَه من الناس أجمعين، فتنتفي التُّهمة، وهذا الذي قلناه كلام العلماء الذين يُعْتَدُّ بكلامهم، وقد شَذَّ عنهم جماعةٌ في أفراد بعض هذه الشروط، فمِنْ ذلك:

شرطُ بعض أصحاب الأصول أن يكون تَحَمُّلُه الروايةَ في حال البلوغ، والإِجماع يَرُدُّ عليه، وإِنما يُعتبر البلوغ حال الرواية لا حال السماع، وجَوَّزَ بعضُ أصحاب الشافعي روايةَ الصبي وقبولَها منه في حال الصِّبا، والمعروفُ من مذاهب العلماء مطلقًا ما قَدَّمْناه.

وشَرَطَ الجُبَّائيُّ المعتزليُّ وبعضُ القَدَرِيَّةِ: العددَ في الرواية، فقال الجُبَّائي: لا بُدَّ من اثنين عن اثنين كالشهادة، وقال القائلُ من القَدَرية: لا بُدَّ من أربعةٍ عن أربعةٍ في كُلِّ خَبَر.

وكُلُّ هذه الأقوالِ ضعيفةٌ ومنكرةٌ مُطرحة، وقد تظاهرتْ دلائلُ النصوص الشرعية والحُجَجُ العقليةُ على وجوب العمل بخبر الواحد، وقد قَرَّرَ العلماءُ في كتب الفقه والأُصول ذلك بدلائله، وأوضحوه أبلغَ إِيضاح، وقد صَنَّفُوا مُصَنَّفاتٍ كثيرةً في قبولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>