أي لا معبود بحق في الوجود (إلا أنت) يا إلهي (أنت ربي) أي مالكي ومربي ومصلحي (وأنا عبدك) أي معترف بعبوديتي لك وبأنك مالكي ومدبري وحكمك نافذ في (ظلمت نفسي) أي قصرت في حقوقها أي اعترفت بالتقصير فيها قدمه على سؤال المغفرة أدبًا، كما قال آدم وحواء ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين (واعترفت) أي أقررت (بذنبي) علي (فاغفر لي ذنوبي جميعا) أي كلها صغائرها وكبائرها (أنه) أي إن الشأن والحال (لا يغفر الذنوب إلَّا أنت) أي لا يقدر على غفرانها إلَّا أنت (واهدني) أي أرشدني (لأحسن الأخلاق) أي لصوابها ووفقني للتخلق به (لا يهدي لأحسنها) أي لا يقدر على التوفيق له (إلا أنت واصرف عني سيئها) أي قبيحها (لا يصرف عني سيئها إلَّا أنت لبيك) قال العلماء: معناه أنا مقيم على طاعتك إقامةً بعد إقامة، يقال لب بالمكان لبًا وألب إلبابًا أي أقام به، وأصل لبيك لبين لك حذفت النون للإضافة (وسعديك) قال الأزهري وغيره: معناه مساعدةً لأمرك بعد مساعدة ومتابعة لدينك بعد متابعة وسعديك إنما يذكر تأكيدًا لمعنى لبيك، وهما من المصادر التي لا تستعمل إلَّا مضافةً مثناة (والخير كله في يديك والشر ليس) منسوبًا (إليك) أي لا يضاف إليك مخاطبة ونسبة تأدبًا مع أنه بقضاء الله تعالى وقدره وخلقه واختراعه كالخير كما قال تعالى {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[النساء: ٧٨] قال الخطابي وغيره: فيه الإرشاد إلى الأدب في الثناء على الله تعالى ومدحه بأن يضاف إليه محاسن الأمور دون مساويها على جهة الأدب، وأما قوله الشر ليس إليك فمما يجب تأويله لأن مذهب أهل الحق أن كل المحدثات فعل الله تعالى وخلقه سواء خيرها وشرها وحينئذ يجب تأويله وفيه خمسة أقوال أحدها: معناه لا يتقرب به إليك قاله الخليل بن أحمد والنضر بن شميل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر بن خزيمة والأزهري وغيرهم، والثاني: حكى الشيخ أبو حامد عن المزني وقاله غيره أيضًا: معناه لا يضاف إليك على انفراده لا يقال يا خالق القردة والخنازير ويا رب الشر ونحو هذا، وإن كان خالق كل شيء ورب