(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فضرب بيديه) أي حركهما أو وضع كفيه إحداهما على الأخرى كما في روايتي (وصفق بيديه)(وطبَّق بيديه) كما سيأتي (فقال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا) ثلاث مرات (ثم عقد إبهامه) أي قبضها ولم يبسطها مع الأخرى أي قبض إحدى إبهاميه (في) المرة (الثالثة) إشارة إلى أنَّه يكون الشهر تسعًا وعشرين ومعنى (هكذا) يعني مد يديه جميعًا مشيرًا بالعشر أصابع اهـ أبي.
وقوله:(الشهر هكذا) الخ أشار النبي صلى الله عليه وسلم بنشر أصابعه الكريمة العشر ثلاث مرات إلى عدد أيام الشهر ثم عقد إحدى إبهاميه في المرة الثالثة إشارة إلى نقصان واحد من أيامه الثلاثين فصارت الجملة تسعة وعشرين أراد أن الشهر قد يكون تسعًا وعشرين لا أن كل شهر يكون كذا والحاصل أن العبرة بالهلال فتارة يكون ثلاثين وتارة تسعة وعشرين وقد لا يرى فيجب إكمال العدد ثلاثين وقد يقع النقص متواليًا في شهرين وثلاثة ولا يقع في أكثر من أربعة أشهر هـ قسطلاني فقوله: (الشهر) مبتدأ خبره ما بعده بالربط بعد العطف أي أشار أولًا بأصابع يديه العشر جميعًا مرتين وقبض الإبهام في المرة الثالثة وهذا هو المعبر عنه بفوله في الرواية الأخرى (تسع وعشرون) وفي هذا الحديث جواز الاعتماد على الإشارة المفهمة في مثل هذا (فصوموا) أي انووا الصيام وبيتوا على ذلك أو صوموا إذا دخل وقت الصيام وهو من فجر الغد (لرؤيته) الضمير للهلال وإن لم يسبق له ذكر لدلالة السياق عليه واللام للتوقيت كهي في قوله: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} أي وقت دلوكها وزوالها وقال ابن مالك وابن هشام: بمعنى بعد أي بعد زواله وبعد رؤية الهلال (وأفطروا لروبته) بهمزة قطع (فإن أغمي) وفي رواية البخاري (غبي عليكم) بضم العين المعجمة وتشديد الموحدة المكسورة أي خفي وحيل (عليكم) أي عنكم (فاقدروا له) أي قدروا لشهر شعبان (ثلاثين) أي تمام ثلاثين يومًا.
قال القرطبي:(صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) يقتضي لزوم حكم الصوم والفطر لمن صحت له الرؤية سواء شورك في رؤيته أو انفرد بها وهو مذهب الجمهور وذهب عطاء وإسحاق إلى أنَّه لا يلزمه حكم شيء من ذلك إذا انفرد بالرؤية وهذا الحديث رد عليهما.