(٩)(حدثنا هشام بن عروة أخبرني أبي) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة هشام بن عروة لابن شهاب (قالت) عائشة (دخلت علي بريرة فقالت إن أهلي) ومواليّ (كاتبوني) أي عاقدوني عقد الكتابة بالإيجاب منهم والقبول مني، ومعنى كتابة الرقيق ابتياع نفسه من سيده بما يؤديه من كسبه، قال تعالى:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيرًا}[النور / ٣٣] وقال أيضًا: {وَفِي الرِّقَابِ} هو على حذف مضاف أي وفي فك الرقاب يعني المكاتبين، وفي صحيح البخاري حكاية ضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنسًا على امتناعه من كتابة عبده سيرين مع طلب العبد منه الكتابة (على تسع أواق) من الفضة مؤداة لهم (في تسع سنين في كل سنة) تؤدى لهم (أوقية) واحدة وهي أربعون درهمًا (فأعينيني) يا عائشة على أدائها (قالت) عائشة (فقلت لها) أي لبريرة (إن شاء أهلك) أي إن أرادوا (أن أعدَّها) أي أن أعد تلك الأواقي وأحسبها (لهم عدة واحدة) أي حسبانًا واحدًا وأدفعها لهم دفعة واحدة (وأعتقك) بالنصب عطفًا على أعدّها، وكذا قوله:(ويكون الولاء) أي ولاء عتقك (لي فعلت) ذلك الشراء وعدّها لهم عدة واحدة، ولفظ البخاري في بعض رواياته (أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة) وهذا صريح في أن مراد الصدّيقة شراء رقبة بريرة وإعتاقها، وفي طريق القاسم عن عائشة فيما سيأتي (أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق فاشترطوا ولاءها) أي لأنفسهم (فذكرت) بريرة (ذلك) الذي قالت عائشة (لأهلها) أي لمواليها (فأبوا) أي أبي أهلها ما قالت عائشة وامتنعوا منه أي ما قبلوه (إلا أن يكون الولاء) أي ولاء عتقها (لهم، فأتتني) بريرة أي جاءتني من عندهم (فذكرت) أي أخبرتني بريرة (ذلك) الشرط الذي قالوه لعائشة (قالت) عائشة: (فانتهرتها) أي فانتهرت بريرة أي أنكرت عليها ما ذكرته عنهم من شرط الولاء لهم، وقوله:(فقالت) عائشة، فيه التفات من التكلم إلى الغيبة أي فانتهرتها فقلت لها (لا) أشتريك ولا أعتقك