للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! بَلَغَنِي مَا تَرَى مِنَ الْوَجَعِ. وَأَنَا ذُو مَالٍ

ــ

القاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم فخلف سعدًا مريضًا حيث خرج إلى حنين فلما قدم من الجعرانة معتمرًا دخل عليه وهو مغلوب فقال: يا رسول الله إن لي مالًا وإني أورث كلالة أفأوصي بمالي .. الحديث، وفيه قلت: يا رسول الله أمسيت أنا بالدار حتَّى خرجت منها مهاجرًا قال: "لا إني لأرجو أن يرفعك الله حتَّى ينتفع بك أقوام" .. الحديث ذكره الحافظ في الفتح [٥/ ٢٧٠] وجمع بينهما بحملهما على واقعتين.

ولكن القلب لا يطمئن بأن هذه الواقعة وقعت مرتين وكيف ينسى مثل سعد بن أبي وقاص ما قال له صلى الله عليه وسلم قبل سنتين في أمر الوصية حتَّى يسأله مرة أخرى عن عين ما سأله في فتح مكة فالأظهر ما ذكره الحافظ عن المحققين أن ابن عيينة قد وهم في تاريخ هذه الواقعة حيث ذكرها في فتح مكة، والصحيح ما ذكره أكثر أصحاب الزهري من أنها وقعت في حجة الوداع وبه جزم البيهقي كما في عمدة القاري [٤/ ٩٩] وأما حديث عمرو بن القاري ففيه عبد الله بن عثمان بن خثيم وهو وإن كان من رواة مسلم غير أنَّه جعله ابن المديني منكر الحديث، وقال ابن معين: أحاديثه ليست بالقوية، وقال فيه النسائي مرة: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في الثقات ولكن قال: كان يخطئ، كما في تهذيب التهذيب [٥/ ٣١٥] وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد [٤/ ٢١٣]، هذا الحديث فقال: وفيه عراض بن عمرو القاري ولم يجرحه أحد ولم يوثقه وربما يخطر بالبال أن أحد الرواة في حديث عمرو بن القاري خلط قصة سعد بقصة جابر رضي الله عنهما فقد تقدم في باب الكلالة أن مثل هذا الكلام جرى بين جابر وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدل على ذلك قوله: وإني أورث كلالة ولم يكن سعد بن أبي وقاص كلالة، وإنما يحفظ هذا القول من جابر رضي الله عنه والله سبحانه وتعالى أعلم.

(فقلت) له صلى الله عليه وسلم (يا رسول الله بلغني) أي حصل بي (ما ترى من) شدة (الوجع) وقد خفت منه الموت، فيه أن حكاية المريض حاله لا ينافي الصبر المأمور به وإنما المذموم الشكوى وعدم الرضا بالقضاء، وعبارة القرطبي: فيه ما يدل على أن إخبار المريض بحاله لا على جهة التشكي والتسخط جائز وغير منقص لثوابه ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصدر منه إنكار ولا تنبيه على تنقيص أجر ولا غيره اهـ من المفهم (وأنا ذو مال) كثير، قال القرطبي: والمال وإن صلح هنا للكثير والقليل الَّذي ليس بتافه فالمراد به ها هنا المال الكثير بقرينة الحال، وقال المنذري: فيه إباحة جمع

<<  <  ج: ص:  >  >>