للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. قَال: "بَينَمَا امْرأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا. فَقَالتْ هذِهِ لِصَاحِبَتِهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ. وَقَالتِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ. فَقَضَى بِهِ لِلْكُبرَى. فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيمَانَ بنِ دَاوُدَ عَلَيهِمَا السَّلَامُ. فَأَخْبَرَتَاهُ. فَقَال: ائتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَينَكُمَا. فَقَالتِ الصُّغْرَى: لَا. يَرْحَمُكَ اللهُ، هُوَ ابْنُهَا

ــ

عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) وهذا السند من سداسياته (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب) إليهما (فذهب) الذئب أي أخذ الذئب (بابن إحداهما فقالت هذه) أي الكبيرة (لصاحبتها) أي للصغيرة (إنما ذهب) الذئب (بابنك أنت) توكيد للضمير المجرور (وقالت الأخرى) أي الصغيرة للكبيرة (إنما ذهب بابنك فتحاكمتا) أي ترافعتا (إلى داود) - عليه السلام - (فقضى) داود (به) أي بالولد اللكبرى) لكون الولد بيدها قال الحافظ قضى به للكبرى لسبب اقتضى عنده ترجيح قولها إذ لا بينة لواحدة منهما وكونه لم يعين في الحديث اختصارًا لا يلزم منه عدم وقوعه فيحتمل أن يقال إن الولد الباقي كان في يد الكبرى وعجزت الأخرى عن إقامة البينة وهذا تأويل حسن جار على القواعد الشرعية وليس في السياق ما يأباه ويمنعه كذا في فتح الباري [٦/ ٤٦٤]، وهو أحسن ما قيل في توجيه هذا القضاء عندي وراجع في بقية التوجيهات شرح النووي وفتح الباري (فخرجتا) من عند داود فمرتا (على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرناه) أي فأخبرتا لسليمان قضاء داود (فقال) سليمان للمرأتين: (ائتوني بالسكين أشقه) أي أشق الولد نصفين (بينكما) ولم يعزم في الباطن وإنما أراد استكشاف الأمر بحيلة لطيفة أظهرت ما في نفس الأمر أي لم يكن مراده شق الولد حقيقة وإنما أراد اختبار شفقتهما لتتميز الأم ومثل هذا يفعله الحكام ليتوصلوا به إلى حقيقة الصواب بحيث إذا انفرد ذلك لم يتعلق به حكم (فقالت الصغرى) لسليمان: (لا) تشقه بيننا ثم استأنفت الكلام فقالت: (يرحمك الله) يا سليمان (هو) أي هذا الولد (ابنها) أي ابن الكبيرة قال العلماء: ويستحب أن يقال في مثل هذا بالواو فيقال: (لا ويرحمك الله) ليدل على الاستئناف وعبارة القرطبي هنا وقوله: (لا) أي لا تفعل الشق بيننا لشفقتها عليه ثم دعت له بقولها: (يرحمك الله) فينبغي للقارئ أن يقف على لا وُقَيفَةً حتَّى يتبين للسامع أن ما بعده كلام مستأنف لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>