للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالتْ: إِنِّي إِنْ رَخَّصْتُ لَكَ أَبَى ذَاكَ الزُّبَيرُ. فَتَعَال فَاطْلُبْ إِلَيَّ, وَالزُّبَيرُ شَاهِدٌ فَجَاءَ فَقَال: يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ! إِنِّي رَجُلٌ فَقِيرٌ, أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَ فِي ظِلِّ دَارِكِ. فَقَالتْ:

ــ

في ظل دارها يدل على أن المقرر المعلوم من الشرع أن فناء الدار ليس لغير ربها القعود فيه للبيع إلا بإذنه فإذا أذن جاز ما لم يضر بغيره بتضييق طريق أو إطلاع على عورة منزل غيره ولرب الدار أن يمنعه لأن الأفنية حق لأرباب المنازل، لأن عمر رضي الله عنه قضى في الأفنية لأرباب الدور، قال ابن حبيب -هو عبد الملك بن حبيب بن سليمان العباسي القرطبي المالكي فقيه مؤرخ نسابة أديب لغوي شاعر-: وتفسير هذا يعني لهم حق الانتفاع للمجالس والمرابط والمصاطب وجلوس الباعة فيها للبياعات الخفيفة وليس بأن ينحاز بالبنيان والتحظير. [قلت] وعلى هذا فليس لرب الدار التصرف في فنائها ببناء دكان أو غيره مما يثبت ويدوم لأنه من المنافع المشتركة بينه وبين الناس إذ للناس فيه حق العبور والوقوف والاستراحة والاستظلال وما أشبه هذه الأمور لكنه أحق به فيجوز له من ذلك ما لا يجوز لغيره من مرافقه الخاصة به كبناء مصطبة لجلوسه ومربط فرسه وحط أحماله وكنس مرحاضه وتراب بيته وغير ذلك مما يكون من ضروراته وعلى هذا فلا يفعل فيها ما لا يكون من ضرورات حاجاته كبناء دكان للباعة أو تحظيره عن الناس أو إجارته لمن يبيع فيه لأن ذلك كله منع الناس من منافعهم التي لهم فيه وليس كذلك الإذن في البيع الخفيف بغير أجرة لأن ذلك من باب الرفق بالمحتاج والفقير وأصل الطرق والأفنية للمرافق ولو جاز أن يحاز الفناء ببناء ونحوه للزم أن يكون لذلك البناء فناء ويتسلسل إلى أن تذهب الطرق وترتفع المرافق اهـ من المفهم.

(قالت) أسماء فقلت للرجل (إني إن رخصت) وأذنت (لك) في الجلوس بلا استئذان الزبير (أبي) وامتنع (ذاك) الإذن (الزبير) ومنعك من الجلوس ولكني أنصح لك ببيان طريق الوصول إلى مرادك من الجلوس (فـ) أقول لك (تعال) أي أقبل إلينا واحضر (فاطلب) الإذن في جلوسك (إلي) أي مني (والزبير) أي والحال أن الزبير (شاهد) أي حاضر عندي في البيت، وهذا تعليم منها له الحيلة في استرضاء الزبير وهذا فيه حسن الملاطفة في تحصيل المصالح ومداراة أخلاق الناس والله أعلم كذا في النووي. قالت أسماء (فجاء) الرجل إلي (فقال) لي (يا أم عبد الله إني رجل فقير أردت) أي قصدت (أن أبيع) بضاعتي جالسًا (في ظل دارك فقالت) أسماء فقلت للرجل في جواب طلبه الإذن

<<  <  ج: ص:  >  >>